للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأصحهما: أنه لا يفطر كإيجار غيره بغير اختياره.

واعلم أن هذا الخِلاَف مُفَرَّعٌ على أَنَّ الصَّوْمَ لاَ يبطل بمطلق الإغْمَاء، إلا فَالإِيجَاء مَسْبُوق بالبُطْلاَن، وهذَا الخِلاَف كالخلاف في المغمى عليه المحرم إذا عُولج بدواءٍ فيه طِيبٌ، هَل تلزمه الفِدْية.

قال الغزالي: وَلَو ابْتَلَعَ دَمًا خَرَجَ مِنْ سِنِّهِ أَوْ سِتاً أَفْطَرَ بِخِلاَفِ الرِّيق إِلاَّ أَنْ يَجْتَمِعَ الرِّيقُ بِالعَلَكِ فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَلَو رَدَّ النُّخَامَةَ إلَى أَقْصَى الفَمِ ثُمَّ ابْتَلَعَ أَفْطَرَ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى قَطْعِهِ مِنْ مَجْرَاهُ فَتَرَكَ حَتَّى جَرَى بنَفْسِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَلَوْ سَبَقَ المَاءُ فِي المَضْمَضَةِ إِلَى بَاطِنِهِ فَقَوْلاَنِ، وَإِنْ بَالَغَ فَقَوْلاَنِ مُرَتَّبَانِ، وَأَوْلَى بِالإِفْطَارِ، وإنْ جَرَى الرِّيقُ بِبَقِيَّةِ طَعَامِ فِي خِلاَلِ الأَسنَانِ فَإِنْ قَصَّرَ فِي تَخْلِيلِ الأَسْنَانِ فَهُوَ فِي صُورَةِ المُبَالَغَةِ، وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فَهُوَ كَغُبَارِ الطَّرِيقِ، وَالمَنِيُّ إِنْ خَرَجَ بِالاسْتِمْنَاءِ أَفْطَرَ، وَإِنْ خَرَجَ بِمُجَرَّدِ الفِكْرِ وَالنَّظَرِ فَلاَ، وَإنْ خَرَجَ بِالقُبْلَةِ وَالمُعَانَقَةِ مَعَ حَائِلٍ فَهُوَ كَالمَضْمَضَةِ، وَالمُضَاجَعَةِ مُتَجَرِّداً كَالْمُبَالَغَةِ، وَتُكْرَهُ القُبْلَةُ لِلشَّابِّ الَّذي لاَ يَمْلِكُ إرْبَهُ، وَخُرُوجُ القَيْءِ كَالْمَنِيِّ، وَلَوِ اقْتَلَعَ نُخَامَةً مِنْ مَخْرَجِ الحَاءِ فَفِي إِلْحَاقِهِ بِالاسْتِقَاءِ وَجْهَانِ، وَمَخْرَجُ الخَاءِ مِنَ الظَّاهِرِ، وَفِي إِفْسَادِ القَصْدِ شَرْعاً بِالِإكْرَاهِ قَوْلاَنِ: أصحهما: أَنَّهُ يُفْطِرُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَائِمِ.

قال الرافعي: الفصل يجمع مسائل:

إحداها: ابتلاع الريق لا يفطر؛ لأنه لا يمكن الاحتراز عنه، وبه يحيى الإنسان، وعليه حمل بَعْضُ المُفَسِّرِين قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (١) وَإنَّمَا لاَ يفطر بِشُرُوطٍ:

أحدها: أن يكون الرِّيق صرفاً، أما لو كان مخلوطاً بغيره مُتَغَيِّراً فإنه يفطر بابتلاعه، سواء كان ذلك الغير طاهراً، كما لو كان يَقْتل خيطاً مصبوغاً، فتغير ريقه، أو نجساً كما لو دميت لثته (٢) وتغير ريقه، فلو أبيض، ولم يبق تغيره، فهل يفطر بابتلاعه؟ فيه وجهان:

أظهرهما: عند الحَنَّاطِي، والقَاضِي الرّوَيانِي لا؛ لأن ابتلاع الرِّيق مباحٌ، وليس فيه عين آخر، وإن كان نَجِساً حكماً.


(١) سورة الأنبياء، الآية ٣٠.
(٢) لأنه أجنبي عن الريق. قال الأذرعي: ولا يبعد أن يقال من عمت بلواه بدم لثته بحيث يجري دائماً أو غالباً أنه يسامح بما يشق الاحتراز منه، ويكفي بصفة الدم ويعفى عن أثره.

<<  <  ج: ص:  >  >>