فإن اتفق حَالُهُمَا، نظر إن كَانَا مِنْ أَهْلِ الإعْتَاقِ وَالإطْعَامِ أَجْزَأَ المخرج عَنْهُمَا وإن كانا من أَهْلِ الصِّيَام إِمَّا لِلإعْسَار بالعتق، أو لِكَوْنهِمَا مَمْلوكَينِ، فعلى كُلِّ واحدٍ منهما صَوْم شَهْرَين؛ لأن الصَّومَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، ولا مَدْخَل للتحمل في عِبَادَاتِ الأبدان، وإن اختلف حَالُهُمَا لَمْ يَخُل إما أن يكون الزَّوْجُ أَعْلَى حَالاً مِنها، أو تَكُون هِى أَعْلَى حَالاً مِنْه، فإن كان الزَّوْجُ أَعْلَى حَالاً نُظِر إِنْ كَانَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الإِعْتَاقِ وَهِيَ مِنْ أهْلِ الصِّيَامِ، وَالإِطْعَامِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أظهرهما -ولم يذكر العراقيون غَيْرَه-: أنه يُجْزِئ الإِعْتَاق عَنْهُمَا جَمِيعاً؛ لأن مَنْ فَرْضَه الصِّيَام، أو الإِطْعَام يُجْزِئه التَّكْفِير بِالْعِتْقِ بِطَرِيقِ الأَوْلَى.
نعم، لو كانت أمةً فعليها الصَّوم؛ لأن الإعْتاق لاَ يُجْزِئ عَنْهَا.
قال في "المهذب": إلاَّ إذا قلنا: إن العبد يَمْلِكُ بالتَّمْلِيكِ، فتكون الأمة كَالحُرَّة المُعْسِرة.
والثاني: لا يُجْزِئُ عَنْهَا لاختِلاف جِنْسِ الوَاجِب، وعلى هذا فعليها الصِّيام في الصُّورة الأُولَى وعَلَى مِنَ الإطْعَام فِي الصُّورة الثَّانيَة؟ فيها وجهان:
أظهرهما: أنه على الزَّوج، فَإِنْ عَجَزَ فِي الحَالِ ثبت في ذِمَّتِهِ إلى أن يقدر؛ وذلك لأن الكَفَّارة على القَوْلِ الَّذِي عَلَيْهِ نفرع معدودة من مؤنات الزوجة اللاَّزِمَةِ عَلَى الزَّوْجِ.
والثاني -ذكره في "التهذيب"-: أنه عليها؛ لأن التَّحمل كالتَّداخُلِ لا يجزئ عِنْدَ اخْتِلاَف الجِنْس، وإن كان هُوَ مِنْ أهْلِ الصِّيَام، وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الإِطْعَام فَالَّذِي قَالَه الأَئِمَةُ أَنَّهُ يَصُومُ عَنْ نَفْس، وَيُطْعِمُ عَنْهَا؛ لأن الصَّوم لا يتحمل بهِ، وقضية قَوْلِ مَنْ قَالَ بِإِجْزَاء الإعْتَاقِ عَنِ الصِّيَام فِي الصورة السَّابقة إِجْزَاء للصِّيَامَ عَنِ الإطْعَام؛ لأن مَنْ فَرْضُهُ الإطعَام لَوْ تحمل المَشَقَّة، وَصَامَ أجزأه، والصَّوْم كَمَا لا يتحمل به لا يتحمل وإن كانت الزَّوْجَةُ أَعْلَى حَالاً مِنْه، نظر إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الإعْتَاقِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَام صَامَ عَنْ نَفْسِهِ، وأعتق عنها إذا قَدِر، وإن كَانَتُ مِنْ أَهلِ الصِّيَامِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الإِطعَامِ صَامَتْ عَنْ نَفْسِهَا، وأطعم الزَّوج عَنْ نَفْسِه.
المسألة الثَّانية: إذا أَفْسَدَ صَوْمَه بغير الجماع كالأكل، والشُّرب، والاستمناء، والمُبَاشرات، المفضية إلى الإنزال فلا كَفَّارَةَ عليه؛ لأن النَّص وَرَدَ فِي الجِمَاعِ وَمَا عَدَاهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاه، وَهَلْ يلزمه الفِدْيَة؟ فِيه خِلاَفٌ سَيَأْتِي مِنْ بَعْد.
وقال مالك: تجب الكَفَّارة بِكُلِّ إِفْسَاد يعصى به، إِلاَّ الرِّدَّة والاسْتِمنَاء والاستقاءة.
وقال أبو حنيفة: تَجِب الكَفَّارَة بتناول مَا يقصد تناوله، وَلاَ تَجِب بابتلاع الحَصَاةِ وَالنَّوَاةِ، وَلاَ بِمُقَدِّمَاتِ الجِمَاعِ.