للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستوي في جميع ما ذكرناه القِنّ، والمُدَبَّر، وأمّ الوَلَدِ.

وأما المكاتب فله أن يعتكف بغير إذن السَّيد على أصح الوجهين، ومَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ ونصفه رقيق كالرقيق إن لم يكن بينه وبين السيد مهايأة، وإن كانت فهو في نوبة نفسه كالحر، وفي نوبة السيد كالرقيق، وأما من يخرج عنه فباعتبار الإسلام والعقل يخرج الكافر والمجنون، والسكران، والمغمى عليه، فلا يصح منهم الاعتكاف إذ لا نية لهم.

ولو ارتد في أثناء اعتكافِهِ، فالمنقول عن نَصِّه في "الأم" أنه لا يبطل اعتكافه، بل يبنى إِذا عَادَ إِلَى الإسْلاَم، ونَصَّ أنه لو سكر في اعتكافه، ثم أفاق يستأنف، وهذا حكم بِبُطْلاَن الاعتكاف، وللأصحاب فيهما طريقان:

أحدهما: تقرير النَّصَّيْنِ.

والفرق أن السَّكْرَان مَمْنُوعٌ مِنَ المَسْجِدِ، قال الله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} (١) أي: موضع الصلاة، فإذا شرب المُسْكِر، وَسَكِر، فقد أخرج نفسه عن أَهْلِيَّةِ اللُّبْثِ في المسجد، فنزل ذلك منزلة خروجه منه، والمُرْتَدْ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنَ المَسْجِد؛ بل يجوز استتابته فيه، وتمكينه من الدخول لاستماع القرآن ونحوه، فلم يجعل الارتداد متضمناً بطلان الاعتكاف، واختار أصْحَاب الشَّيْخِ أبي حَامِدٍ هذا الطَّرِيق، وذكروا أنه المذهب، وسلم غيرهم ذلك في السَّكْرَان، ونازعوهم في عدم تَأْثِير الرِّدَّة على ما سيأتي.

وأصحهما: التَّسْوِية بين الرِّدَّة والسُّكْرِ، وفي كيفيتها طريقان:

أحدهما: أنهما على قولين:

أحدهما: أنهما لا يُبْطِلاَنِ الاعْتِكَافِ.

أما الرِّدَّة فلما سبق.

وأما السُّكْرُ، فلأنه ليس فيه إلا تناول مُحَرَّم، وذلك لا ينافي الإعتكاف.

والثاني: أنهما يبطلان الإعتكاف أما السكر فلما سبق، وأما الردة فلخروج المُرْتَدّ عن أهلية العِبَادة.

وأصحهما: الجَزْمُ فِي الصورتين، وفي كيفته طرق.

أحدها: أنه لا يبطل الإعتكاف بواحدٍ مِنْهُمَا، وكلامه في السَّكْرَانِ محمول على مَا إِذا خرج من المَسْجِدِ، أو أخرج لاقامة الحَدّ عليه.


(١) سورة النساء، الآية ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>