للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن رد هذا الشرط والشرط الثاني إلى شَيْءٍ وَاحِدٍ وهو وقوع العمرة في أشهر الحَجِّ التي حَجَّ فيها.

والرابع: ألا يعود إلى الميقات كما إذا أحرم بالحَجِّ من جَوْفِ مَكَّة واستمر عليه، فإن عاد إلى ميقاته الذي أنشأ العمرة منه وأحرم بالحَجِّ فلا دم عليه؛ لأنه لم يَرْبَح مِيقاتاً، ولو رجع إلى مثل مَسَافَةِ ذَلِكَ المِيقَاتِ وأحرم منه فكذلك لا دم عليه؛ لأن المقصودَ قَطْعُ تِلْكَ المَسَافَة مُحْرماً. ذكره الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُه، ولو أحرم من جَوْفِ مَكَّة ثم عَادَ إِلَى الميقات مُحْرِماً ففي سقوط الدَّمِ مِثلِ الخِلاَفِ المَذْكُورِ فيما إذا جاوز الميقات غير محرم وعاد إليه مُحْرِما، ولو عاد إلى مِيقَاتٍ أقرب إلى مكَّة من ذلك الميقات وأحرم منه كما إذا كان ميقاته الجُحْفَةَ فعاد إلى ذَاتِ عِرْقٍ، فهل هو كالعَوْدِ إلى ذلك الميقات؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، وعليه الدَّم، إذ لم يَعُدْ إلى ميقاته، ولا إلى مثل مسافته.

والثاني: نعم؛ لأنه أَحْرَم مِنْ مَوْضِع ليس ساكنوه من حَاضِري المَسْجِدِ الحَرَامِ، وهذا هو المَحْكِيّ عن اخْتِيَارِ القَفَّالِ والمعتبرين، أبدوه بأن دم التمتع خارج عن القِيَاس لإحيائه كل ميقات بُنُسُكٍ فإذا أحرم بالحَجِّ من مسافة القَصْرِ بطل تمتعه وترفهه، فلا يقدح إيجابُ الدَّمِ عليه بِحَالٍ، ولو دخل القارنُ مَكَّةَ قبل يَوْمِ عرفة ثم عاد إلى المِيقَات للحَجِّ هَل يَلْزَمُهُ الدَّمُ؟ ذكر الإمام -رحمه الله- أنه مرتب على المتمتع إذا أحرم ثم عاد إليه إن لم يَسْقُط الدم ثُمَّ فهاهنا أولى، وإن أسقطنا فوجهان، والفرق أن اسم القَرَانِ لا يزول بالعود إلى الميقات بخلاف التمتع.

قال الحَنَّاطِيُّ: والأصح أنه لا يَجِب أيضاً، وقد نَصَّ على في "الإملاء".

وقوله في الكتاب: (أن لا يعود إلى ميقات الحج) أراد إلى الميقات لِلْحَجِّ، وإلا فلا يحسن حَمْلُه على مُطْلَقِ الحَجِّ فإن المواقيتَ لا اخْتِصَاصَ لها، بالحَجِّ، بل هي للنسكين سَوَاء، ولا على حجة خاصة فإنه ميقات عمرة المتمتع لا ميقات حجة.

وقوله: (كان مُفْرِداً) معلم بالحاء؛ لأن عند أبي حنيفة -رحمه الله- لا يكون مفرداً، ولا يسقط عنه دم التمتع حتى يعود إلى بلده ويلم بأهله.

الخامس: اختلفوا في أنه هَلْ يشترط وقوع النسكين عن شَخْصٍ واحدٍ أم لا؟ فعن الخُضَرِي: أنه يشترط كما يشترط وقوعهما في سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وقال الجُمْهُورُ: لا يشترط لأن زحمة الحَجِّ وترك الميقات لا يختلف.

إذا عرفت ذلك فهذا الأمر المختلف في اشتراطه يفرض فواته في ثلاثِ صُوَر:

أحدها: أن يكون أجيراً مِنْ قِبَلِ شَخْصَيْنِ استأجره أحدهما للحَجِّ والآخر للعمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>