والثاني: أن المتمتع لا يجب عليه العود إلى الميقات، وإذا عاد وأحرم منه سقط عنه الدَّمُ بِلاَ خِلاَف، والمسيء يلزمه العَوْدُ ففي سقوط الدم عنه خلاف، وأيضاً فإن الدَّمين يتفاوتان في البدل.
السادس: في اشتراط نية التمتع وجهان:
أصحهما: لا يشترط كما لا تشترط نية القران، وهذا لأن الدَّمَ مَنُوطٌ بِزَحْمَةِ الحَجِّ، وَرِبْحِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ، وذلك لا يختلف بالنية وعَدَمِهَا.
والثاني: يشترط لأنه جمع بين عبادتين في وقت إِحْدَاهُما، فأشبه الجمع بين الصَّلاتَيْنِ، لكن الفرق ظَاهِر، فإن أشْهُرَ الحَجِّ كما هي وقت الحَجِّ فهي وقت العمرة بخلاف وقت الصَّلاة، فإن قلنا باشتراطها ففي وقتها ثلاثة أوجه مأخوذة من الخِلاَف في وقت نية الجَمْعّة بَيْنَ الصلاتين:
أحدها: أن وقتها حالة الإحرام بالعُمْرَة.
والثاني: ما لم يفرغ من العُمْرَة.
والثالث: ما لم يشرع في الحَجِّ.
قال الإمام -رحمه الله- واعتبار ما نحن فيه بنية الجمع بين الصَّلاتين في نِهَايَةِ الضَّعْفِ، لكن لو قيل: إنما يلزم الدَّم إذا كان على قَصْدِ الحَجِّ عند الانتهاء إلى الميقات وأتى بالعمرة فإنه قَدِم أدنى النسكين من أطول المِيقَاتَيْن، أما إذا لم يكن على قصد الحَجِّ أو كان على قَصْدِ الاقتصار على العُمْرة ثم اتفق الحَجِّ فلا دم عليه قياساً على من جاوز الميقات، لا على قصد النّسك، لكان هذا قريباً من مأخذ المناسك، -والله أعلم-. فهذا شَرْح الشُّروط المذكورة في الكتاب وورائها شرطان:
أحدهما: أن يحرَم بالعمرة مِنَ المِيقَاتِ، فلو جاوزه مريداً للنسك ثم أحرم بها فالمنقول عن نصه أنه ليسَ عليه دَمُ التَّمتُّعِ، ولكن يلزمه دَمُ الإِسَاءَةِ، وقد أخذ بإطلاقه آخذون، وقال الأكثرون: هذا إذا كان الباقي بينه وبين مكَّة دون مسافة القصر فإن بقيت مسافه القصر، فعليه الدَّمانِ مَعًا.
والثاني: حكى ابْنُ خَيْرَانَ اشتراط وقوع النسكين في شهرٍ واحد، وأباه عامة الأصحاب.
واعلم أن الشروط المذكورة معتبرة في لزوم الدَّمِ لا محالة على ما فيها من الوِفَاقِ والخلاف، وهل هي معتبرة في نفس التمتع؟
منهم: من يطلق اعتبارها بعينها، حتى إذا انخرم شَرْطٌ مِنَ كانت الصورةُ صورةَ الإفْرَادِ، وعلى هذا قال في مَوَاضِعَ من الفَصْل: لم يكن متمتعاً، وهو ظاهر قوله في