أحدهما -وبه قال أحمد-: أنه لا يجب؛ لأن التفريقَ في الأَدَاءِ يتعلق بالوَقْتِ، فلا يبقى حكمهُ في القضاء كالتفريق في الصلوات المؤدَّاة، وهذا أصح عند الإمام وطائفة.
والثاني -وهو الأصح عند الأكثرين-: أنه يجب التفريق كما في الأداء، ويفارق تفريق الصَّلَوَاتِ، فإن ذلك التفريق يتعلق بالوقت، وهذا يتعلق بالفعل وهو الحَجِّ والرُّجُوعُ، فعلى هذا هَلْ يجب التفريق بمثل ما يقع التفريق في الأداء؟ فيه قولان:
أحدهما: لا، بل يكفي التفريق بيوم، لأن المقصود انفصال أحد قسمي الصوم عن الآخر، وهذا حَاصِلٌ باليوم الوَاحِدِ، ويحكي هذا عن نصه في "الإملاء". وأصحهما: أنه يجب التفريق في القَضَاءِ بمقدار ما يقع به التَّفْرِيق في الأداء، لتتم محاكاة القَضَاءِ للأدَاءِ، وفيما يقع به التفريق في الأداء أقوال أربعة تتولد من أصْلَيْنِ سَبَقاً.
أحدهما: أن المتمتع هل له صَوْمُ أيام التَّشْرِيق؟
والثاني: أن الرجوعُ إلَى مَاذَا؟
فإن قلنا: ليس للمتمتع صَوْمُ أيامِ التَّشْرِيق وفَسَّرْنَا الرجوعُ بالرجوعِ إلى الوَطَنِ، فالتفريق بأربعة أيام، ومدة إمكان مسيره إلى أهله على العادة الغالبة.
وإن قلنا: ليس له صَوْمُها، وفَسَّرْنَا الرجوعَ بالفَرَاغ من الحَجِّ، فالتفريق بأربعة أيام لا غَيْرَ لتمكنه من الابتداء بِصَوْمِ السَّبْعَةِ كَمَا مَضَتْ أيَّامُ التَّشْرِيقِ.
وإن قلنا: للمتمتع صَوْمُهَا، وَفَسَّرْنَا الرُّجوعَ بالرجوع إلى الوَطَن فالتفريق لمدة إمكان مسيره إلى أهله.
وإن قلنا: له صومها وَفَسَّرنَا الرُّجُوعَ بالفراغِ من الحَجِّ فوجهان:
أصحهما: بأنه لا يجب التفريق، لأنَّهُ يمكنه في الأَدَاء على هذا أن يصوم أيام التَّشْرِيق عن الثَّلاثة ويصل بها صَوْمَ السَّبْعةِ.
والثاني: لا بد من التَّفْرِيقِ بِيَوْمٍ، لأن الغَالِب أن يفطر يَومَ الرُّجوع إلى مَكَّة، وأيضاً فإن الثلاثة تنفصل في الأداء عن السَّبْعَةِ بحالتين متغايرتين لوقوع أحَدِهِمَا في الحَجِّ والآخر بعده، فينبغي أن يقيم في القضاء مقام ذلك التفريق بإفْطَار يَوْمٍ، -والله أعلم-.
فإن أردت حَصْرَ الأقوالِ التي تَجِيءُ فيمن لم يَصُمْ الثلاثة في الحَجِّ مختصراً.
قلت: فيه ستة أقوال: لا صوم عليه، بل ينتقل إلى الهَدْيِ.
عليه صوم عشرة مُتَفَرِّقًا أو متتابعًا.