الغرض منه بيان ما ينزل عليه لفظ الرجوع في الآية وهو الأشبه، وبتقدير أن يكون قولاً برأسه فعلى ذلك القول لو رجع من مِنَى إلى مكَّة صَحَّ صومه وإن تأخر طَوافُه للوداع، - والله أعلم-. ولنتكلم فيما يتعلق بلفظ الكتاب على الخصوص سوى ما اندرج في أثناء الكلام. أما قوله:(ثلاثة في الحج بعد الإحرام) أي بالحج وهُو معَلَّمٌ بالحاء والألف لما قدمنا. وقوله:(وقبل يوم النحر) جواب علي الجديد في أنه لا يجوز للمتمتع صَوْمُ أيام التَّشْرِيق، فيجوز أن يُعَلَّم بالواو.
وقوله:(ولا يقدم على الحج) كالمكرر؛ لأن في قوله:(بعد الإحرام) ما يفيده، ولعله إنما إعاده ليعلق به العِلَّة وهي قوله:(لأنها عبادة بدنية).
وقوله:(ولا يجوز في أيام التشريق على الجديد) مكرر، قد ذكره مرة في الصَّوْمِ ثم هو مَرْقُومٌ بالميم والألف لما كتبناه ثُمَّ.
وقوله:(فإذا تأخر عن أيام التشريق صار فائتاً) معناه: أن الفوات حَاصِلٌ عند مُضِيِّ أيام التشريق لاَ مَحَالة، فأما أنه بم يحصل إن لم نجعل أيام التشريق قَابِلَة للصَّوْمِ فإنه يحصل بمضي يَوْم عَرَفَةِ، وأما إذا جَعَلْنَاهَا غير قابلة فإنه يحصل بمضيها، ويمكن أن يتأخر طواف الزِّيَارَةِ عن أيَّامِ التَّشْرِيقِ إِذْ لاَ أَمَدَ لَهُ مِنْ جِهَةِ التأخر، فيكون بعد في الحج لبقاء بَعْض الأَرْكانِ عليه، لكن صَوْمُ الثلاثة بعد أيام التشريق لا يكون أداءً وإن بقي الطواف؛ لأن تأخره عن أَيَّام التشريق مما يبعد ويَنْدُر، فلا يقع مراداً من قوله تعالى:{ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}(١)، بل هو مَحْمُول على الغَالِب المُعْتَاد. هكذا حكاه الإمام وغيره، وفي "التهذيب" وجه ضعيف ينازع في ذلك.
وقوله:(بالرجوع إلى الوطن) مُعَلَّمٌ -بالميم والحاء والألف- لما تَقَدَّم، وقوله بعد ذلئه:(وقيل: قولان) لا وجهان وقد مَرَّ مَا فِيهِمَا.
قال الرافعي: إذا لم يَصُم الثلاثة في الحَجِّ حتى فرغ وَرَجَعَ لزمه صَوْمُ العَشَرَةِ، وقد حكينا خِلاَف أبي حنيفة وقولاً يوافقه فيه، فإذا قلنا: بالمَذْهَب فهل يَجِب التَّفْرِيق فِي القَضَاءِ بين الثَّلاثَةِ والسَّبْعَةِ؟ فيه قولان في رواية الحَنَّاطِيّ والشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ -رحمهما الله-، ووجهان في رواية غيرهما.