قال الرافعي: المسألة الثالثة: أن يكون زيدٌ محرماً لكن يتعذر مراجعته بجنون أو غيبة أو موت بعد الإحْرَام وقد شبهها في الكتاب بمسألة طويلة الفقه فنشرحها ثم نعود إلى هذه فنقول:
إذا أحرم بنسك معين من النسكين ثم نسيه قال في القديم: أحب أن يقرن وإن تَحَرَّى رجوت أن يجزئه ونص في الجديد على أنه قارن، ونقل الشَّيْخُ أَبُو عَلِي فيها طريقين: أحدهما: نفي الخلاف في جواز التحري، ونص في الجديد على ما إذا شك، فلم يدر أنه أحرم بأحد النُّسُكَيْنِ أو قرن وأصحهما وهو رواية المعظم: أن المسألة على قولين. القديم: أنه يتحرى ويعمل بظنه؛ لإمكان إدراك المقصود بالتَّحَرِّي كما في القِبْلَة والأواني. والجديد: أنه لا يتحرى؛ لأنه تلبس بالإحْرَام يقيناً ولا يتحلل إلا إذا أتى بأعمال المشروع فيه، فالطريق أن يقرن ويأتي بأعْمَال النسكين، وهذا كما لو شَكَّ في صلاته في عدد الركعات يبني على اليَقِينِ، ليتحقق الخروج عما شرع فيه، ويفارق التحري في القِبْلة والأواني، لأن لها علاماتٍ تدل عَلَيْهَا، ولا دلالة هَاهُنَا واعلم أن هذا الفرق مبني على أن الاجتهاد يعتمد النظر في العلامات، وقد ذكرنا في كتاب الطَّهَارَةِ خلافاً فيه، وبتقدير أن يعتمده فناصر القول الأول قد لا يسلم انتفاء الأمارات هاهنا، وبنى الشيخ أبو محمد -رحمه الله- على هذين القولين اختلاف أصحابنا فيما إذا اجتهد جَمْعٌ في أوانٍ منها اثنان فصاعداً بِصِفَةِ الطَّهَارَة، وغلب على ظَنِّ كُلِّ واحد طهارة واحد هل يجوز اقتداء بعضهم ببعض؟ وقال هذا خلاف في أن الاقتداء هل يجوز بالتَّحَري والاجتهاد؟ التفريع إن قلنا: بالقديم فما غلب على ظنه أنه المشروع فيه من النّسكين