للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضى فيه وأجزأه، كما لو اجتهد في الثوب والقِبْلة وصَلَّى على مقتضى اجتهاده، وفي "شرح الفروع" ذكر وجه ضعيف أنه لا يجزئه الشَّك.

وفائدة التحري الخلاص من الإحرام.

وإن قلنا: بالجديد فللشَّكِ حالتان.

إحداهما: أن يعرض قبل الإتيان بشيء من الأعمال، فلفظ النَّص أنه قَارِنِ، قال الأصْحَابُ معناه أنه ينوي القَرَان ويجعل نفسه قارنًا لا أنه يحكم بكونه قارنًا لحصول الشَّك، وأغرب أبو عبد الله الحَنَّاطِيُّ رحمه الله - فحكى قولاً أنه يصير قارنًا من غير نية ثم إذا نوى القرآن وأتى بالأعْمَالِ تحلل، وبرئت ذمته عن الحَجِّ بيقين، وأجزأته عن حَجَّةِ الإسْلاَمِ لأنه إن كان محرماً بالحَجِّ لم يضر تجديد الإحرام به وإدخال العمرة عليه لا يقدح فيه جَوَّزْنَاهُ أم لاَ، وإن كان محرماً بالعمرة فإدخال الحَجِّ عليه جائز قبل الاشتغال بالأعمال.

وأما العمرة فهل تجزئه عن عمرة الإسلام إن فرضناها؟ يبني على أن العمرة هل يجوز إدخالها على الحَجِّ أم لا؟ إن جوزناه أجزأته أيضاً؛ لأنه إن كان محرماً بها فَذَاك، وإلا فقد أدخلها على الحَجِّ، وإن لم نجوز إدْخَالَ العمرة على الحج ففيه وجهان:

أصحهما: لا تجزئه، لاحتمال أنه كان محرماً بالحَجِّ، وامتناع إدخال العمرة عليه، والعمرة وَاجِبةٌ عليه فلا تسقط بالشَّكِ.

والثاني: ويحكى عن أبي إسْحَاقَ: أنها تجزئه ويجعل الاشتباه عذراً في جواز الإدْخَال، فإن حكمنا بإجزائهما جميعاً لزم دَمُ القَرَانِ، فإن لم يجد صَامَ عشرة أيام، ثَلاَثةٌ في الحَجِّ، وسبعةٌ إذَا رَجَعَ.

وإن قلنا: يجزئه الحُج دون العمرة، ففي لزوم الدَّمِ وجهان:

أصحهما: أنه لا يجب؛ لأنا لم نحكم بإجزاء العُمْرَة فلا يلزمه الدَّمُ بالشَّكِ، وهذا هو الذي أورده في الكتاب.

والثاني: يجب؛ لأنه قد نوى القَرَان، وصحة نسمكيه محتملة، فكما لا تحسب العمرة احتياطاً لا يسقط الدّم احتياطاً.

الحالة الثانية: أن يعرض الشَّك بعد الإتيان بِشَيْءٍ من الأعمال وله حالات:

إحداها: أن يعرض بعد الوقوف بعرفة وقبل الطواف، فيجزئه الحَجَّ؛ لأنه إن كان محرماً به فذاك، وإن كان محرماً بالعمرة فقد أدخل الحج عليها قبل الطَّواف حيث نوى القَرَان، وذلك جائز، ولا تجزئه العُمْرة؛ لاحتمال أنه كان محرماً بالحَجّ فليس له إدخالُ العمرة عليه بعد الوُقوفِ، هكذا أورده أبو القَاسِم الكَرَخِي، وصَاحِبُ "التهذيب" وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>