للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جواب أولاً على أن العمرة لا تدخل على الحَجِّ بعد الوقوف، وقد قدمنا وجهاً آخر: أنها تدخل عليه ما لم يأخذ في أسْبَابِ التحلل.

ثم هو مفروض فيما إذا كان وقت الوقوف باقياً، فوقف ثانياً، وإلا فمن الجائز أنه كان محرماً بالعمرة، فلا يجزئه ذلك الوقوفُ عن الحَجِّ.

الثانية: أن يعرض بعد الطَّواف وقبل الوقوف، فإذا نوى القَرَان وأتى بأعمال القرآن لم يجزئه حَجُّه؛ لاحتمال أنه كان محرمًا بالعمرة، فيمتنع إدْخَالُ الحَجِّ عليها بعد الطواف. وأما العمرة فهل تجزئه؟ يبني على أن إدخال العمرة على أن إدخال العمرة على الحَجِّ هل يجوز؟ وبتقدير أن يجوز، هل يجوز بعد الطواف.

وأما العمرة فهل تجزئه؟ يبني على أن إدخال العُمْرةَ على الحَّجِّ هل يجوز؟ وبتقدير أن يجوز فهل يجوز بعد الطَّواف أم لا؟ إن قلنا: نَعَم أجزأته، وإلا فلا؛ لجواز أنه كان محرماً بالحج وقد طاف، وهذا هو الأصَحّ؛ لأنه شاك في عين ما أحرم به، وفيما أدخله عليه، فأشبه ما لو فاته ظُهْرٌ وعصر، وصلى إحداهما وَشَكَّ فيما صَلَّى يلزمه إعادتهما جميعاً، وذكر ابْنُ الحَدَّادِ في هذه الصورة: أنه يتم أعمال العمرة بأن يركع ركعتي الطواف، ويسعى، ويحلق أو يقصر، ثم يحرم بالحج، ويأتي بأعماله، وإذا فعل ذلك صَحَّ حَجُّه؛ لأنه إن كان محرماً بالحَجِّ لم يضر تجديد الأحرام، وإن كان محرماً بالعمرة، فقد تَمَتَّعُ ولا تصح عمرتُه؛ لاحتمال أنه كان محرماً بالحجّ ولم تدخل العمرة عليه إن لم ينو القَرَان.

قال الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ وَصَاحِبُ التَّقْرِيبِ والأكثرون: إن فعل ذلك فالجواب ما ذَكَره لكن لو استفتانا لم نفت به؛ لجواز أنه كان محرمًا بالحَجِّ، وأن هذا الحلق وقع في غير أوانه، وحينئذ يكون الحلقُ محظوراً، وهذا كما لو ابتلعت دجاجةُ إنسانٍ لؤلؤةَ غَيْره لا نفتي لصاحب اللؤلؤة بِذَبْحِها وإخراج اللؤلؤة، لكن لو فعل ذلك لم يلزمه إلا قدر التفاوت بين قيمتها حيةَ ومَذْبُوحة، وكذا لو استقبلت دابتان لشخصين على شَاهِقٍ، وتعذر مرورهما لا نفتي لأحدهما بِإهْلاَكِ دابة الآخر، لكن لو فعل خلص دابته، ولم يغرم إلا قيمة دابة الآخر، وسواء أفتينا له بذلك على ما ذكره ابْنُ الحَدَّادِ، أو لم نفت، فلو فعل لزمه دم؛ لأنه إن كان محرماً بالحج فقد حلق في غير أوانه، وإن كان محرماً بالعمرة فقد تمتع، فيريق دماً عن الواجب عليه، ولا يعين الجِهَة، كما إذا كانت عليه كفارة قتل أو ظهار فأعتق ونوى عما عليه تُجْزِئه؛ لأن التعيين في الكَفَّارات لَيْسَ بِشَرْطٍ، فإن كان معسراً لا يجد دماً ولا طعاماً صام عشرَة أيامٍ كما يصوم المتمتع فإن كان اللاَّزِم دم التمتع فَذَاك، وإن كان دم الحلق أجزأه ثلاثة أيام والباقي تطوع، ولا يعين الجهَة في صَومِ الثَّلاثَةِ، ويجوز تعيين التمتع في صَوْمِ السَّبْعَةِ، ولو اقتصر على صوم ثلاثةِ أَيامٍ هل

<<  <  ج: ص:  >  >>