للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما يستحب ذلك في غَيْرِ وقتِ الكراهية.

أما في أوقات الكراهية فأصَحُّ الوجهين الكَرَاهَة على ما مر في فَصْلِ الأوقات المكروهة (١).

ولو كان إحرامه في وقت فريضة وَصَلاَّهَا أغنته ذلك عن ركعتي الإحْرَام، ثم إذا صَلَّى نوى وَلَبَّى، وفي الأفضل قولان:

أصحهما: أن الأفضل أن ينوي ويلبي حين تنبعث به دابته إن كان راكبًا، وحين يتوجه إلى الطَّريق إن كان ماشياً، لما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَمْ يُهِلَّ حَتَّى انْبَعَثَتْ بهِ دَابَتَهُ" (٢). قال الإمام -رحمه الله- وليس المراد من انبعاث الدابة فورانها، بل المراد استواؤها في صَوْبِ مَكَّة.

والثاني: أن الأفْضَل أن ينوي وَيُلَبِّي كما تحلل من الصَّلاَةِ وهو قَاعِد، ثم يأخذ في السَّيْرِ، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد؛ لما روي عن ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَهَلَّ حِينئَذٍ" (٣).

ويشتهر القول الأول: بالجديد.

والثاني: بالقديم.

ويروى أيضاً عن المَنَاسِك الصغير من "الأم" واختاره طَائِفَةٌ من الأَصْحَابِ، وحملوا اختلاف الرواية على: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَعَادَ التَّلْبيَةَ عِنْدَ انْبعَاثِ الدَّابَّةِ، فَظَنَّ مَنْ سَمِعَ أَنَّهُ حِينئذٍ لَبَّى، والأكْثَرُونَ على ترجيح الأول.

قال الغزالي: الخَامِسَةُ أَنْ يُلَبِّيَ عِنْدَ النِّيَّةِ وَيُجَدِّدَهَا عِنْدَ كُلِّ صُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَحُدُوثِ حَادِثٍ وَفِي مَسْجِدِ مَكَّة وَمِنًى وَعَرَفَاتٍ، وَفِيمَا عَدَاهَا مِنَ المَسَاجِدِ قَوْلاَنِ، وَفِي حَالِ الطَّوافِ وَيُسْتَحَبُّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِهَا إلاَّ لِلنِّسَاءِ.

قال الرافعي: لك أن تعلم قوله: (وأن يلبي عند النية) بالواو؛ لوجهٍ قدمناه في أن


(١) قال النووي: والمستحب، أن يقرأ فيهما: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. قال أصحابنا: فإن كان في الميقات مسجد استحب أن يصليهما فيه. ينظر الروضة (٢/ ٣٤٩).
(٢) أخرجه البخاري (١٥١٥) من حديث جابر و (١٥٤٦) من حديث أنس و (١٥١٤، ١٥٤١) ومسلم (١١٨٤. ١١٨٦، ١١٨٧) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٣) أخرجه أحمد (٢٣٥٨) وأبو داود (١٧٧٠) والترمذي (٨١٩) وقال: حسن غريب، والنسائي (٥/ ١٦٢) والحاكم في المستدرك (١/ ٤٥١) وقال: صحيح على شرط مسلم، والبيهقي وضعفه (٥/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>