على يمينه لَمْ يَصِحِ، وقد وجد ذلك في صورة الرجوع القهقري، ومن صَحَّح الطواف في هذه الصُورة، فالمعتبر عنده أن يكون تحرك الطائف ودورانه في يَسَارِ البَيْتِ لاَ غَيْرَ، -والله أعلم-.
ولو ابتدأ الطَّائِفُ من غير الحَجَرِ الأَسْوَدِ لم يعتد بما يفعله حتى ينتهي إلى الحَجَرِ الأسْوَدِ فيكون منه ابتداء طوافه، كما لو قدم المتوضئ على غسل الوجه غسل عضوٍ آخر، فإنا نجعل غسل الوَجْهِ ابتداء وضوءه، وينبغي أن يمر عند الابتداء بجميع بَدَنِهِ على الجَحَرِ الأَسْوَدِ، وذلك بأن لا يقدم جُزْءاً من بدنه على جُزْءٍ من الحَجَرِ، فلو حاذاه ببعض بدنه وكان بعضه مجاوزاً إلى جانب البَابِ ففيه قولان:
الجديد: أنه لا يعتد بتلك الطوفة.
والقديم: أنه يعتد بها، وتكفي المُحَاذَاة بِبَعْضِ البدن، وهذا الخلاف كالخلاف فيما إذا استقبل الكعبة ببَعْضِ بَدَنِهِ وَصَلَّى: هل تَصِحّ صَلاتُه؟ وفيما علق عن الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وغيره أن الخلاف ثُمَّ مُخَّرَجٌ مِنَ الخِلاَفِ في الطَّوَافِ، وعكس الإمام ذلك، فأشار إلى تَخْرِيج هَذَا من ذاك، ولو حَاذَى بجميع البَدَنِ بعضُ الحَجَرِ دون البعض أجزأه، كما يجزئه أن يستقبل بجميع بدنه بَعْضَ الكَعْبَةِ، ذكره أصحابنا العِرَاقيون.
وقوله في الكتاب:(لم يعتد بذلك الشوط)، الشوط هو الطوفة الواحدة، وكَرِهَ الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه- هذا اللفظ فاستحب أن يقال: طواف وطوافان.
وقوله:(ولو حاذى آخر الحجر) أراد بآخر الحجر البعض الذي يَلِي البَابَ، ولا حاجة إلى هذا التقييد، بل الخِلاَفَ جَارٍ فيما إذا حَاذَى جميع الحَجَرِ ببعض بدنه.
وقوله:(وجهان) اقتدى فيه بإمام الحرمين -رحمهما الله-، ومعظم الأصْحَابِ حكوا قولين منصوصين كما قَدَّمْنَا.
قال الرافعي: الطَّوَاف المأمور به هو الطَّواف بالبيت قال الله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}(١) وإنما يكون طائفاً به إذا كان خارجاً عنه، وإلا فهو طَائِفٌ في البَيْتِ، إذا تقرر ذلك فَفِي الفَصْلِ صُوَرٌ: