للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان في حَاشِيَةِ المطاف نِسَاء ولم يأمن مُصَادَمَتَهُنَّ لو تباعد، فالقرب من البَيْتِ والسَّكِينَةِ أولى من البُعْدِ والرَّمْلِ، تحرزاً عن مُصَادَمَتِهِنَّ وَمُلاَمَسَتِهِنَّ.

وقوله في الكتاب: (ولو تعذر لزحمة النساء ... إلى آخره) المراد منه هذه الصورة على ما دل عليه عبارة "الوسيط"، والمعنى: فإن تعذر البُعْدُ لِزَحْمَةِ النساء، ويجوز أن يحمل على ما إذا كان بالقرب أيضاً نساء وتعذر الرَّمَلُ في جميع المَطَافِ لخوفُ مَصَادَمَتِهِنَ، فإن الأَوْلَى والحالة هَذِه تَرْكُ الرمل.

الخامسة: ليكن من دعائه في الرمل (١): "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجّاً مَبْرُوراً وَذَنْباً مَغْفُوراً وَسَعْياً مَشْكُوراً". روي ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (٢).

ومتى تَعَذَّرَ الرَّمَلُ على الطَّائِفِ فينبغي أن يَتَحَرَّك فِي مِشْيِه، ويرى من نفسه أنه لو أمكنه الرَّمَلُ لَرَمَلَ. وإن طافَ رَاكِباً أو محمولاً ففيه قولان:

أصحهما: أنه يَرْمُلُ به الحَامِل ويُحَرّك هو الدّابة.

ومنهم: من خص القولين بالبَالِغ المحمول، وقطع في الصبي المحمول بأنه يرمل به حَامِلُه، -والله أعلم-.

قال الغزالي: الخَامِسَةُ الاضْطِبَاعُ فِي كُلِّ طَوَافٍ فِيهِ رَمَل وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ وَسَطَ إِزَارِهِ فِي إِبِطِهِ اليُمْنى، وَيَجْمَعَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْسَرِ ثُمَّ يُدِيمَهُ إِلَى آخِرِ الطَّوَافِ فِي قَوْلٍ وإلَى آخر السَّعْي فِي قَوْلٍ.

قال الرافعي: الاضطباع في كل طوافٍ فيه رَمَلٌ، وهو افتعال من الضَّبْع وهو العضد. ومعناه: أن يجعل وَسَطَ رِدَائِهِ تَحْتَ منكبه الأيمن، وطرفيه على عَاتِقِهِ الأيْسَر، ويبقى منكبه الأيْمنُ مكشوفاً كَدَأْب أَهْلِ الشَّطَارَةِ، وكل طَوَافٍ لا يُسَنُّ فِيهِ الرَّمَلُ لاَ يُسَنَّ فِيهِ الاضطباع، وما يسن فيه الرَّمل يسن فيه الاضطباع، لكن الرملَ مخصوصٌ بالأشواط الثلاثة الأول والاضطباع يعم جميعها، ويسن في السَّعْي بين الجبلين بعدها أيضاً، على المشهور، ويخرج من منقول المَسْعُودي وغيره وجه أنه لا يسن، ويروى ذلك عن أحمد -رحمه الله-.


(١) قوله في الرمل محل هذا: إذا كان حاجاً فأما المعتمر فالمناسب أن يقول: اللهم اجعلها عمرة مبرورة، ويحتمل أيضاً استحباب التعبير بالحج مراعاة للحديث، ويقصد المعنى اللغوي، وهو القصد، وسكت المصنف وكذا الرافعي عما يقوله في الأربعة الأخيرة، ويستحب فيها كما قال في "التنبيه": رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم: "اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
(٢) قال الحافظ ابن حجر في التلخيص (١/ ٢٥٠): لم أجده، وذكره البيهقي من كلام الشافعي، وانظر خلاصة البدر (٢/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>