والفرق: أن الطواف ركنٌ فما انضم إليه يقوى به، بخلاف الرَّمْي والحَلْقِ، وهذا نزاع فيما سبق أن الحَلْقَ ركن على هذا القول. والثالث عن أبي إسحاق عن بعض الأصحاب: أنا وإن جعلنا الحَلْق نسكاً فإن أحد التحللين يحصل بالرمي وَحْدَه وبالطواف وحده. ومن فاته الرَّمْيُ ولزمه بدله فهل يتوقف التحلل على الإتْيَانِ ببَدَلِهِ؟ فيه أوجه:
أشبهها: نعم، تنزيلاً للبَدَلِ منزلة المُبْدَل.
والثالث: إن افتدى بالدّم توقف، وإن افتدى بالصَّوْمِ فلا، لطول زَمَانِهِ.
وأما العمرة: فتحللها بالطَّوَافِ والسَّعْي لا غير إن لم نجعل الحَلقَ نسكاً، وبهما مع الحَلْقِ إن جَعَلنَاهُ نُسُكاً، ولست أدرى لِمَ عَدُّوا السعي من أسباب التحلل في العُمْرَة دون الحَجِّ؟ ولم لم يعدوا أفعال الحَجِّ كلها أسباب التحلل كما فعلوا في العمرة؟ ولو اصطلحوا عليه لقالوا: التحلل الأول يحصل بها سِوَى الوَاحِدِ الأخير، والثاني بذلك الأخير. ويمكن تفسير أسباب التحلل في العمرة بأركانها الفعلية، وأيضاً بالأفعال التي يتوقف عليها تحللها، ولا يمكن التفسير في الحَجِّ بواحد منهما.
أما الأول: فلإخراجهم الوقوف عنها.
وأما الثاني: فلإدخالهم الرمي فيها، مع أن التحلل لا يتوقف عليه ولا على بدله على رَأْي، وعلى كل حالٍ فإطلاق اسم السَّبب على كل واحدٍ من أسباب التحلل ليس على معنى استقلاله، بل هو كقولنا: اليمين والحِنْث سَببَاً الكفارة، والنصاب والحول سببا الزكاة.
والفصل الثاني فيما يحلل بالتحلل الأول ولا خلاف في أن الوطء لا يَحِل ما لم يوجد التحللان، لكن المستحب أن لا يطأ حتى يَرْمِيَ في أيام التَّشْرِيق، ويحل اللّبس والقَلْم وستر الرأس والحلق إذا لم نجعله نسكاً بالتحلل الأول، روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"إِذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ الطِّيبُ وَاللِّبَاسُ وَكُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّسَاءَ"(١).
وفي عقد النكاح والمباشرة فيما دون الفَرجِ كالقُبْلَة والملامسة وقَتْلِ الصَّيْدِ قولان:
أحدهما: أنها تحل أما في غير الصيد فلأنهما مَحْظُوران لِلإحْرَام لا يفسدانه، فأشبها الحلق والقَلْم.
وأما في الصيد فلأنه لم يستثن في الخبر المذكور إلا النساء.
والثاني: لا يحل أما في غير الصيد فلتعلقها بالنساء، وقد روينا أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِلاَّ