للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ في الفصل مسائل:

إحداها: أن الرَّمْيَ معدودٌ من الأَبْعَاضِ، مجبورٌ بالدَّمِ وِفَاقاً.

والثانية: جملة ما يرمى في الحَجِّ سبعون حَصَاةَ، ترمى إلى جَمْرَةِ العقبة يوم النَّحْرِ سبع حَصَيَات، وإحدى وعشرون في كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلى الجَمَرَاتِ الثلاث إلى كل وَاحِدَةٍ سبع تَوَاتر النَّقْلُ بِهِ قولاً وَفِعْلاً.

والثالثة: الحجيج يبيتون بمنى الليلتين الأولتين من لَيَالِي التَّشْرِيق، فإذا رموا اليَوْمَ الثَّانِي فمن أَرَادَ مِنْهُمْ أن يَنْفرَ قَبْلَ غُروب الشَّمْسِ فَلَه ذَلِكَ، ويسقط عَنْه مبيت اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، والرَّمْيُ مِنَ الغَدِ، ولاَ دَمَ عَلَيْهِ والَأصل فيه قوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (١).

ومن لم ينفر حتى غربت الشمس فعليه أن يبيت الليلة الثَّالثة، ويرمى يومها، وبه قال مَالِكٌ وأحمد.

وعند أبي حنيفة: -رحمه الله- يسوغ النفر مَا لَمْ يطلع الفَجْرُ.

لنا: ما روى عَنْ عُمَرَ -رضي الله عنه- أنه قال: "مَن أَدْرَكَهُ الْمَسَاء فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلْيَقُمْ إِلَى الْغَدِ حَتَّى يَنْفِرَ مَعَ النَّاسِ" (٢).

وإذا ارتحل فغربت الشَّمس قبل أن ينفصل عن مِنىً كان له أن يَنْفر كَيْلاَ يحتاجَ إِلَى الحَطِّ بَعْدَ التِّرْحَالِ.

ولو غربت الشمس وهو في شغل الارتحال، فهل له أن ينفر؟ فيه وجهان:

أصحهما: لا.

ولو نفر قبل الغروب، وعاد لشغل إما بعد الغُروب أو قبله، هل له أن ينفر؟ فيه وجهان:

أصحهما: نعم، ومن نفر وكان قد تزود الحصيات للأيام الثَّلاثة طرح ما بقي عنده، أو دفعهن إلى غَيْرِه، قال الأئمة: ولم يؤثر شيء فيما يعتاده النَّاس من دَفْنِهَا.

واعلم أن اليَوْمَ الثَّانِي من أَيَّامِ التَّشْريقِ يسمى يوم النَّفْرِ الأول، والثالث منها النَّفر الثاني للسبب الذي قد عرفته.


(١) سورة البقرة، الآية ٢٠٣.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٢٨٤) والبيهقي (٥/ ١٥٢) عن عبد الله بن عمرو البيهقي (٥/ ١٥٢) عن عمر -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>