للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأول فيسمى يَوْمُ القَرِّ، لأن الناس فيه قارونِ بمنىً.

وقوله في الكتاب: (لزمه المبيت والرمي) معلم بالحاء، وقد أكثر إطلاق لفظ اللزوم ونحوه في المَبِيت على ما ذكرناه في وجوبه من الخِلاَف.

والرابعة: وقت رَمْي يَوْم النَّحْرِ قد أسلفنا ذكره، ورمي أيام التشريق يَدْخُل وقته بالزَّوَالِ، ويبقى إلى غُروبِ الشَّمْسِ.

وروى عن جابر -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- "رَمَي الجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحىً، ثُمَّ لَمْ، يَرْمِ فِي سَائِرِ الأيَّامِ حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ" (١).

وبهذا قال مالك وأحمد -رحمهما الله-.

وعند أبي حنيفة -رحمه الله- يجوز الرَّمْيُ في اليَوْمِ الثَّالِثِ قبل الزَّوَالِ.

وهل يمتد وقتها إلى طُلوعِ الفَجْرِ؟ أما في اليَوْم الثَّالِثِ فلا لانقضاء أيَّامِ المَنَاسِكِ، وأما في اليومين الأولين فوجهان كما في رَمْي يَوْمِ النَّحْرِ.

أصحهما: أنه لا يمتد، ووجه الثَّانِي التشبيه بالوقوف بِعَرَفَةَ، وفي المسألة بقايا سَنُورِدُهَا إن شاء الله تعالى.

قال الغزالي: وَلاَ يُجْزِئُ إِلاَّ رَمْيُ الحَجَرِ، فَأَمَّا رَمي الزِّرْنيخ وَالإِثْمِدِ وَالجَوَاهِرِ المُنْطَبِعَة فَلاَ، وَفِي الفَيْرُوزَجِ وَاليَاقُوتِ خِلاَفٌ.

قال الرافعي: غرض الفَصْل بيان ما يرمي، ولا بد أن يكونَ حجراً، وبه قال مالك وأحمد؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "رَمَى بِالأَحْجَارِ، وَقَالَ بِمِثْلِ هذَا فَارْمُوا" (٢).

وأيضاً روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "عَلَيْكُمْ بِحَصَا الْخَذَفِ" (٣).

فيجزئ المرمر والبرام والكذّان وسائر أنواع الحجر، ومنها حجر النُّورة قبل أن يطبخ ويصير نورة، وعن الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ تردد في حَجَرِ الحَدِيدِ، والظاهر إجزاؤه فإنه حَجَرٌ في الحال إلا أن فيه حديداً كَامِناً يستخرج بالعِلاجَ، وفيما يتخذ من الفصوص كالفيروزج والياقوت والعقيق والزمرد والبلور والزبرجد وجهان:


(١) أخرجه مسلم (١٢٩٩) من حديث جابر، والترمذي (٨٩٤)، وأبو داود (١٩١٧١) والنسائي (٥/ ٢٧٠).
(٢) أخرجه النسائي (٥/ ٢٦٨)، وابن ماجة (٣٠٢٩)، وذكره الهيثمي في الموارد (١٠١١) والحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين.
(٣) أخرجه مسلم (١٢٨٢) من رواية الفضل بن العباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>