التَّدارك كَمَا مَرَّ. الثانية: لو ترك رَمْيَ يَوْمِ النَّحْرِ أو رَمْيَ وَاحِدٍ من أيام التشريقِ بأسْرِهِ يَلْزَمُهُ دَمٌ، وإن ترك رمي بعض اليوم نُظِر إن كان مِنْ وَاحِدٍ مِنْ أيام التَّشْرِيق فقد جمع الإمام فيه طُرُقاً:
أحدها: أن الجمرات الثَّلاث كالشَّعَرَاتِ الثَّلاَثِ، فلا يكمل الدَّمُ فِي بَعْضِهَا، فإن تَرَكَ جمرةً ففيما يلزمه؟ الأقوال التي يأتي ذكرها في حَلْق شَعْره.
أصحها: مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ.
والثاني: دِرْهَمٌ.
والثَّالِثُ: دَمٌ وإن ترك جمرتين فعلى هذا الْقِيَاس، وعلى هذا لو تَرَكَ حَصَاةً مِنْ جَمْرَةٍ فعن صاحب "التقريب": أن على قولنا: في الجمرة الواحدة ثُلُثُ دَمٍ يجب في حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ جُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ جُزءاً مِنْ دَمٍ رعاية للتبعيض، وعلى قولنا: إن فيها مُدّاً، أو درهماً يحتمل أن نُوجِبَ سُبُعَ مُدًّ أو سُبع دِرْهَمٍ، ويحتمل أن لا نبعضهما.
والطريق الثاني: أن الدَّمَ يكمل في وَظِيفَةِ الجَمْرَةِ الوَاحِدَةِ، كما يكمل في وظيفة جَمْرَة يوم النَّحْرِ، وفي الحَصَاة والحصاتين الأقوال الثلاثة:
والثالث -وهو الأظهر-: أن الدَّمَ يكمل بتَرْكِ ثَلاَثِ حَصَيَاتٍ، كما يكمل بِحَلْقِ ثَلاَثِ شعَرَاتٍ، وفي الحَصَاةِ وَالْحَصَاتَيْنِ الأقوالُ الثَّلاَث.
واعلم أن الخلافَ المذكورَ ليس في تَرْكِ الحَصَاةِ والحصاتين مطلقاً ولكن إن ترك حصاة الجمرة الأخيرة من آخر أيام التَّشْرِيقِ ففيه الخِلاَف، وإن تركها من الجَمْرَةَ الأخيرة مِنْ يوم القَرِّ أو النَّفْرِ الأول، ولم ينفر، فإن قلنا: الترتيب غيرُ وَاجِبٍ بين التدارك ورمي الوقت صَحَّ رَمْيُه، لكنه تَرَكَ رَمْى حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ ففيه الخلاف، وإنَ أوجبنا التَّرتِيب فهو على الخلاف السَّابق في أن الرمي بنية اليوم هَلْ يقع عن الماضي؟ إن قلنا: نعم، تم المتروكُ بما أتى به في اليَوْمِ الذي بعده، لكنه يكون تاركاً لرمي الجَمرَةِ الأولى، والثَّانِيَة في ذلك اليوم فعليه دَمٌ، وإن قلنا: لا كان تاركاً رمي حصاة ووظيفة يوم فعليه دَمٌ، إن لم نفرد كلَّ يَوْمٍ بِدَمٍ، وإن أَفردنا فعليه دَمٌ لوظيفة اليوم، وفيما يجب لترك الحَصَاةِ الخلاف المذكور.
وإن تركها من إِحْدَى الجمرتين الأوليين في أي يوم كان فعليه دم؛ لأن ما بعدها غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لوجوب الترتيب في المَكَانَ، فهذا إذا ترك بعض رمي من أيام التشريق، وإن ترك بَعْضَ رَمْي مِنْ يَوم النَّحْرِ فقد ألحقه في "التهذيب" بما إذا ترك من الجمرة الأخيرة في الْيَوْمِ الأَخِير.
وقال في "التتمة": يلزمه دم وإن ترك حصاة؛ لأنها من أَسْبَابِ التحلل فإذا ترك