سُورَةِ البَقَرَةِ. وإذا رمى إلى الثَّانية فعل مثل ذلك، ولا يَقِفْ إذا رمى إِلَى الثَّالِثَةِ.
وقوله في الكتاب:(ولا بد في التدارك من رعاية الترتيب في المكان) قد يوهم اختصاص هذا الترتيب بالتَّدارك، لكنه لا يختص، والترتيب شرط في الابتداء والتدارك على نَسَقٍ وَاحِدٍ.
الثالثة: إذا ترك رمي بَعْضِ الأيام وقلنا بأنه يتدارك في بقية الأيام فَتَدَارك فلا دَمَ عَلَيْهِ، وقد حصل الانجبار، وفيه قول أنه يلزمه الدّم مع التدارك كما لو أَخَّر قضاء رَمَضَانَ حتى أدركه رَمَضَانُ آخر يقضي ويُفْدِي، وُيعْزَى هذا إلى تخريج ابْنِ سُرَيْجٍ -رحمه الله-. ولو نَفَر يوم النحر أو يوم القَرِّ قبل أن يرمي ثُمَّ عَادَ ورمى قبل الغُروبِ وَقَع الموقع ولا دَمَ عَلَيْهِ، ولو فرض ذلك في النَّفر الأول فكمثله في أصَحِّ الوجهين:
والثاني: أنه يلزمه الدم؛ لأن النَّفْرَ في هذا اليوم سَائِغٌ في الجملة، فإذا نفر فيه خرج عن الحَجِّ فلا يسقط الدَّمُ بعوده ولو لم يتدارك ما تركه، أو قلنا: لا يمكن التَّدَارك لزم الدَّم لا محالة، وكم يجب يختلف ذلك بحسب قدر المتروك وفيه صُوَرٌ:
إحداها: إذا ترك رمي أَيَّامِ التشريق والتَّصْوِير فِيمَا إذا تَوَجَّهَ عليه رمي اليوم الثَّالِث أيضاً قولان:
أحدهما: يلزمه ثلاثة دِمَاء؛ لأن رَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ برأسها.
والثاني: لا يجب أكثر من دَمٍ كما لا يجب لترك الجمرات الثلاث أكثر من دَمٍ، ولو ترك معها رمي يوم النحر أيضاً فإن قلنا: بالأول فعليه أَرْبَعَةُ دِمَاءٍ، وإن قلنا: بالثَّانِي فوجهان:
أحدهما: أنه لا يلزمه أكثر من دم لاتحاد جنس الرمي.
وأصحهما: أنه يلزمه دَمَانِ، أحدهما أن ليوم النَّحْرِ، والثاني لأيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لاختلاف الرميين في الحُكْمِ، وإذا ضممت هَذَا الخلافَ بعضَه إلى بَعْضٍ، والسؤال عن تَرْكِ رمي الأيام الأربعة فَقُل: فيه ثلاثة أقوال كما في الكتاب: دم، دمان أربعة دماء.
والأصح منها على ما ذكره في "التهذيب" إيجاب أربعة دِمَاء، لكن الجمهور بنوا الأقوال الثلاثة على الأَصْلِ السَّابِقِ فيما يتدارك مِنْ رَمْي هَذِهِ الأَيَّامِ، فإن قلنا: يتدارك رمي بعضها في البَاقي اكتفيِنا بِدَمٍ؛ لأنا جعلنا الرَّمْيَ كَالشَّيْءِ الوَاحِدِ، وإن قلنا: رمي يوم النحر لا يتدارك ورمي غيره يتدارك فقد جعلناها نَوْعَيْنِ مختلفين، فيلزمه دَمَان، وإن قلنا: إن شيئاً مِنْهَا لا يتدارك فعليه أربعةُ دِمَاءٍ؛ لأن رمي كل يوم على هذا يفوت بغروب شَمْسِهِ، ويستقر في الذِّمَّةِ بدله، فإن لم نر ترجيح القول الموجب لأربعة دِمَاءٍ، لأمر من خارج فقضية هذا البناء ترجيح القول المكتفي بِدَمٍ وَاحِدٍ، لاتفاقهم على أن الأَصَحَّ