للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جمعها في الكتاب بقوله: (لا يلبس المخيط الذي أحاطته بالخياطة إلى آخره).

والمتخذ من القطن والجلد وغيرهما سواء، ويجوز أن يعقد الإزار ويشد عليه خيطاً ليثبت، وأن يجعل له مثل الحجزة ويدخل فيها التِّكَّة إِحْكَاماً وأن يشد طرف إزاره في طرف ردائه، ولا يعقد رداءه، وله أن يغرزه في طَرَفِ إِزَارِهِ، ولو اتخذ لردائه شَرَحاً وعرى وربط الشرج بالعرى فأصح الوجهين أنه تجب الفِدْية؛ لأن هذه الإحاطة قريبة من الخِيَاطة (١). ولو شَقَّ الإزار نصفين وَلَفَّ كُلَّ نِصْفٍ على سَاقٍ وَعَقَدَهُ، فالذي نقله الأصحاب وجوب الفدية؛ لأنه حينئذ كالسراويل، ورأى الإمام أنها لا تجب بمجرد اللَّفِ والعَقْدِ، وإنما تجب إذا فرضت خياطة أو شرج وعرى.

وقوله في الكتاب: (ولا يلف الإزار على الساق) إن أراد به هذه الصورة فهو اتباع لرأي الإمام فليكن مُعَلَّماً بالواو، وليُعْلَم أن الظاهر خِلافُهُ، ويحوز أن يحمل على اللَّف من غير أن يشق، ويجعل له ذيْلاَنِ، وعلى هذا فلا إعلام؛ إذ لا خِلاَفَ في أن للمحرم أَنْ يشتمل بالرداء والإزار طاقتين وثلاثاً ولا بأس بتقلد المُصْحَفِ والسَّيْفِ.

"قَدِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَكَّةَ مُتَقَلِّدِينَ سُيُوفَهُمْ عَامَ عُمْرَةِ الْقِضَاءِ" (٢) ولا بأس أيضاً بشد الهِمْيَان والمنطقة على الوسط لحاجة النفقة ونحوها، وقد روى الترخيص فيه عن عائشة (٣) واَبن عباس (٤) -رضي الله عنهما،- وروي عن مالك المنع، من شَدِّ الهِمْيَان والمنطقة لكن لم يثبت المتقنون في النقل الرواية عنه.

وقوله في أول الفصل: (أما سائر البدن فله سَتْرُه) يجوز أن يُعَلَّم بالحَاءِ لأن عند أبي حنيفة -رحمه الله- يجب عليه كشف الوَجْهِ مع الرأس، وأيهما ستره فعليه الفدية. لنا: ما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال في المحرم الذي خَرَّ عن بعيره ومات "خَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلاَ


= بعضه ببعض كالثوب من اللبد، ويؤخذ من التعبير بالمخيط وغيره أن مجرد الستر لا يحرم، وإنما يحرم ما ذكرناه، وكذا الورق كما قاله في "الكفاية". وإن زر الإزار أو شوكه أو خاطه، لم يجز، نص عليه في "الإملاء".
الثالث: سائر البدن ويؤخذ منه أنه يحرم أن يتخذ لساعده أو لعضو آخر شيئاً يخيط به وهو كذلك على الأصح الذي أجاب به كثيرون كما قاله الرافعي.
(١) قال النووي: المذهب والمنصوص: أنه لا يجوز عقد الرداء، وكذا لا يجوز خلّة بخلال أو سلَّة، ولا ربط طرفه إلى طرفه بخيط ونحوه، -والله أعلم-. ينظر الروضة (٢/ ٤٠٣).
(٢) أخرجه الشافعي عن إبراهيم بن يحيى، عن عبد الله بن أبي بكر، بهذا مرسلاً وله شاهد عند البخاري، انظر التلخيص (١/ ٢٨١).
(٣) أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة والبيهقي من طريق القاسم عنها. انظر التلخيص (٢/ ٢٨١).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق عطاء، انظر المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>