للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخَمِّرُوا رَأْسَهُ" (١) الخبر.

قال الغزالي: أَمَّا المَرْأَة فإِحْرَامُهَا عَلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ، وَلَهَا أَنْ تَسْتَتِرَ بِثَوْبٍ مُتَجَافٍ عَنِ الوَجْهِ وَاقِعٍ بِإزَائهِ، هَذَا في غيْرِ المَعْذُورِ.

قال الرافعي: ذكرنا حكم الستر واللبس في حَقِّ الرجل المُحْرِمِ.

أما المرأة فالوجه في حقها كالرأس في حق الرجل، ويعبر عن ذلك بأن إحرام الرَّجُلِ في رأسه، وإحرام المرأة في وَجْهِهَا، والأصل فيه ما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَنْتَقِبُ الْمرْأَة وَلاَ تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ" (٢).

وروى أنه -صلى الله عليه وسلم- "نَهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ النِّقَابِ" (٣).

وتستر الرأس وسائر البدن والقدر اليسير من الوَجْهِ الذي يلي الرأس لها ستره، إذ لا يمكن استيعاب الرأس بالسَّتْرِ إلا بِسَتْرِهِ. فإن قيل هلا قلتم: تكشف جميع الوجه، ويعفى عن كَشْفِ الجُزْءِ الذي يليه من الرأس.

قيل: الستر أحوط من الكشف، وأيضاً فالمقصود إظْهار شعار الإِحْرَام بالاحتراز عن التَّنْقِيبِ، وستر الجزء المذكور لا يقدح فيه، والرأس عَوْرَةٌ كلهُ فَيُسْتَرُ.

ويجوز لها أن تسدل ثوباً على وجهها متجافياً عنه بخشبة وغيرها، كما يجوز للرَّجُلِ الاستظلال بالمَحْمَلِ والمظلة، ولا فرق بين أن يفعل ذلك لحاجة من دفع حر أو برد أو فتنة أو لغير حاجة، فإن وقعت الخشبة فأصاب الثوب وَجْهَهَا من غير اختيارها ورفعته في الحال فلا فدية، وإن كان عمداً أو استدامته وجبت الفِدْية.

ويجوز للمرأة لبس المخيط من القميص والسَّرَاوِيل والخُفِّ وغيرها، رِوي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْنَ مِنْ أَلْوَانِ، الثِّيَاب مُعَصْفَراً، أَوْ خَزّاً، أو حُلِيّاً، أَوْ سَرَاوِيلَ، أَوْ قَمِيصًا، أَوْ خُفّاً" (٤) وإذا ستر الخنثىَ المشكل رأسه أو وجهه فلا فدية لاحتمال أنه امرأة في الصورة الأولى، ورجل في الثانية، وإن سترهما جميعاً وجبت.

وقوله في الكتاب: (أما فإحرامها في وجهها فقط) أعلم بالواو، لأن منهم من ضَمَّ الكَفَّيْنِ كما ستعرفه في مسألة القفازين.


(١) أخرجه البيهقي (٥/ ٥٤) وله شاهد عنده أيضاً.
(٢) أخرجه البخاري (١٨٣٨) من رواية ابن عمر.
(٣) أخرجه أبو داود (١٨٢٧) وأحمد (٢/ ٢٢) والحاكم في المستدرك (١/ ٤٨٦) وقال: صحيح على شرط مسلم، والبيهقي (٥/ ٥٢).
(٤) انظر التخريج السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>