للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب شَيْءٌ؟ فيجري الخِلاَف فِيمَا نُتِفَ رِيشُهُ فَعَادَ كَمَا كَانَ.

الثالثة: بَيْضُ الطَّائِرِ المأكول مضمون بقيمته، خلافاً لمالك حيث قال: فيه عشر قيمة البائض، وللمزني حيث قال: لا يضمن أصْلاً، لنا: ما روي عن كعب بن عجرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-"قَضَىَ فِي بَيْضِ نَعَامٍ أَصَابَة الْمُحْرِمُ بِقِيمَتِهِ" (١).

فإن كانت مَذِرَةً، فلا شَيْءَ عليه بِكَسْرِهَا (٢)؛ كما لو قدّ صيداً ميتاً إلا في بيض النعامة ففيها قيمتها؛ لأن قِشْرَهَا مُنْتَفَعٌ بِهِ. قاله في الشَّامِلِ.

ولو نفر طَائِراً عن بيضته التي احتضنها ففسدت فعليهِ القيمة.

ولو أخذ بَيْضَ دَجَاجَةً فأحضنها صيداً فَفَسَدَ بَيْضُه، أو لم يحضنه ضمنه؛ لأن الظَّاهِرَ أن الفَسَادَ نَشَأَ مِنْ ضَمِّ بَيْضِ الدَّجَاجَةِ إلَى بَيْضِهِ.

ولو أخذ بَيْضَةَ صَيْدِ، وأحضنها دجاجة فهو في ضمانها إلى أن يخرج الفَرْخُ، ويصير ممتنعاً، حتى لو خَرَجَ، ومات قبل الامتناع، لزمه مثله من النَّعَم، ولو كَسَرَ بَيْضَةً، وفيها فَرْخٌ ذو رُوحٍ فَطَارَ وسلم، فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ وإن مات، فعليه مِثْلُهُ مِنَ النَّعَمِ.

ولو حَلَبَ لَبَنَ صَيْدٍ، فقد قَالَ كثير من أئمتنا مِنَ العِرَاقيين وغيرهم: إنه يضمن، وحكوا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- أنه إنْ نقص الصَّيْدُ بِهِ ضَمِنَهُ وإِلاَّ فَلاَ، واحتجوا عليه بأنه مأكول انفصل من الصَّيْدِ فأشبه البَيْضَ، وذكر القَاضِي الرّويَانِي في التَّجْرِبَةِ أنه لا ضَمَانَ في اللَّبَنِ، بِخِلاَفِ البَيْضِ، فإنه بعرض أن يخلق مِنْهُ مثله.

الرابعة: مَا لَيْسَ بِمَأْكُولٍ مِنَ الدَّوَابِّ والطيور صنفان: مَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مَأْكُولٌ، وما أَحَدُ أَصْلِيْةِ مَأْكْولٌ.

أما الصِّنْفُ الأول فلا يحرم التعرض له للإحْرَام، ولو قتله المُحْرمُ، لم يلزمه الجَزَاء، وبه قال أحْمَدُ، وروى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "يَقْتُلُ الْمَحْرِمُ السَّبُعَ الْعَادِيَ" (٣).

ومعلوم أن الأَسَدُ والنِّمْرَ والفَهْدَ سِبَاعٌ عَادِيَةٌ.


(١) أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٤٧) والبيهقي (٥/ ٢٠٨) وإسناده ضعيف.
(٢) مراد المصنف بالمذرة التي صارت دماً، فإن الأصح نجاستها، أما التي اختلط بياضها بصفرتها، فالظاهر أنها مضمونة اللبن؛ لأنها مأكولة والشيخ في "شرح المهذب" في باب النجاسة فسر المذرة بالمختلطة دون المستحيلة، فقال: البيضة الطاهرة إذا استحالت دماً، فالأصح نجاستها، ولو صارت مذرة، وهي ما اختلط بياضها بصفرتها فهي طاهرة بلا خلاف. وقال في كلام له على "المهذب": المذرة عند أهل اللغة الفاسدة، وقد تطلق على التي اختلط بياضها بصفرتها.
(٣) أخرجه أبو داود (١٨٤٨) والترمذي (٨٣٨) وقال: حسن، وابن ماجه (٣٠٨٩) وفيه يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف. انظر التلخيص (٢/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>