للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه لا يضمن، إذا لم يوجد منه قَصْدُ الصَّيْدِ.

وأرجحهما: على ما رَوَاة الإِمَام: أنه يضمن لِحُصول التَّلَفِ بسبب فعله، وجهله لا يقدح فيه، كما سنذكره في حَفْر البِئر (١).

الثالثة: لو نفر المُحْرِمُ صيداً فتعثَّر فَهَلَكَ، أو أخذهُ سَبْعٌ أو انصدم بِشَجَرٍ، أو جبل وجب عليه الضَّمان، سواء قصد تنفيره أو لم يقصد، ويكون في عهدة المنفر إلى أن يعود الصَّيْد إلى طبيعة السُّكُون والاستقرار، فلو هلك بعد ذلك فلا شيء عليه، ولو هلك قبل السكون النفار، ولكن بآفة سماوية، ففي الضَّمَانِ وجهان:

أحدهما: يجب، ويكون دوام أثر النفار كاليد المضمنة.

وأشبههما: أنه لا يجب، لأنه لم يهلك بسببٍ من جِهَةِ المُحْرِمِ، وَلاَ تَحْتَ يده.

الرّابعة: لو حفر المُحْرم، أو حفر في الحرم بئراَ في محل عدوان، فتردى فيها صَيْدٌ وهلك، فعليه الضَّمَان ولو حفره في ملكه أو في مَوَاتٍ، فأما في حق المحرم، فظاهر المَذْهَب أنه: لا ضمان: كما لو تردت فِيهَا بَهِيمة، أو آدمي، ونقل صاحب "التتمة" وجهاً غريباً: أنه يجب الضمان. وأما في الحَرَمِ، فوجهان مشهوران:

أحدهما: أنه لا ضمان، كَمَا لو حَفَر المُحْرِمُ في مِلْكِهِ.

والثاني: يجب؛ لأن حُرْمَةَ الحَرَمِ لا تَخْتَلِف، وصار كما لو نصب شَبَكَةٌ في الحَرَمِ في ملكه، وأومأ صاحب "التهذيب" -رحمه الله- إلى تَرْجِيحِ الوَجْهِ الأول، لكن الثَّانِي أشْبَه، ويحكى ذلك عن الربيع وصاحب "التلخيص"، ولم يورد في "التتمة" غيره (٢).

قال الغزالي: وَلَوْ دَلَّ حَلاَلاً عَلَى صَيْدٍ عَصَى وَلاَ جَزَاءَ عَلَيْه، وَفي تَحْرِيمِ الأَكْلِ عَلَيْهِ مِنْهُ قَوْلاَنِ، وَمَا ذَبَحَهُ بِنَفْسِهِ فَأكلَهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَهَلْ هُوَ مَيتَةٌ في حَقِّ غَيْرِهِ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ، وَكَذَا صَيْدُ الحَرَمِ.

قال الرافعي: في الفصل مسألتان:

إحداهما: لو دَلَّ الحلالُ محرماً على صَيْدٍ فقتله وجب الجَزَاءُ على المُحْرِمِ وَلاَ


(١) قال النووي: قال القاضي أبو حامد وغيره: يكره للمحرم حمل البازيّ وكل صائد. فإن حمله فأرسله على سعيد فلم يقتله، فلا جزاء، لكن يأثم، ولو انفلت بنفسه فقتله، فلا ضمان. -والله أعلم- ينظر روضة الطالبين (٢/ ٤٢٣).
(٢) قال النووي: وقيل: إن حفرها للصيد، ضمن، وإلا فلا، واختاره صاحب "الحاوي" -والله أعلم-. ينظر روضة الطالبين (٢/ ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>