للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على السيد فالواجب على العَبْد الصوم، وليس للسَّيد المنع منه في أصح الوجهين لإذنه في سببه.

ولو ملكه السَّيد هَدْياً، وقلنا: إنه يملك إراقة، وإلا لم تجز إراقته، ولو أراقه السَّيِّد عنه بإذنه، فهو على هَذَيْنِ القولين، وَلَوْ أراق عنه بعد موته جاز قولاً واحداً؛ لأنه قد حصل اليَأْسُ عن تكفيره، والتَّمليك بعد الموت ليس بشرط، ولهذا لو تصدق عن ميت جاز.

وقد "أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَعْداً -رضي الله عنه-، أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ أُمِّهِ بَعْدَ مَوْتِهَا" (١)، ولو عتق العبد قبل الصوم وجد الهَدْي فعليه الهدي، إن اعتبرنا في الكفَّارات حالة الأداء أو الأغلظ، وإن اعتبرنا حالة الوجوب فله الصَّوم، وهل له الهَدْي؟ فيه قولان. وينعقد نذر الحج من العبد، وإن لم يأذن له السيد في أصح الوجهين ويكون في ذمته، فلو أتى به حال الرِّقِّ هل يجزئه؟ فيه وجهان:

إذا عرفت هذ المسائل، فحيث جوزنا للسيد التَّحليل أردنا به أنه يأمره بالتَّحَلُّل؛ لأنه يستقل بما يحصل به التَّحلل، وغايته أن يستخدمه ويمنعه من المضي، ويأمره بارْتِكَاب محظورات الإحرام أو يفعلها به، ولا يرتفع الإحرام بشيء من ذلك، خلافاً لأبي حنيفة -رحمه الله- حيث قال: إذا أمره باستعمال المحظورات أو ألبسه المخيط أو طيبه أو كانت أَمَةً فوطئها حصل التحلل، وإذا جَازَ لِلسَّيِّد التَّحليل جاز لِلْعَبْد التَّحلل؛ لأن المحصر بغير حق يجوز له التحلل، فللمحصر بالحق أولى؛ وبم يتحلل إن ملكه السيد هدياً؟

وقلنا: إنه يملك فيذبح وينوي التَّحلل، وإلاَّ فهل هو كالحُر؟ فيه طريقان:

أحدهما: نعم، حتى يتوقَّف تحلّله على وجدان الهدي.

إن قلنا: إن دم الإِحْصَار لا بَدَلَ له، وذلك يفتقر إلى العتق هاهنا، وعلى الصوم إن قلنا: إن دم الإحصار له بدل كل ذلك على أحد القولين:

وعلى أصحهما: لا توقف، ويكفيه نية التَّحلل.

وأصحهما: القَطْع بهذا القول الثاني، ويه قال أبو إسحاق: لعظم المشقَّةِ في


(١) أخرجه أبو داود (١٦٧٩، ١٦٨٠) من رواية الحسن عنه، والحسن من لم يدرك سعداً، وأخرجه النسائي (٦/ ٢٥٤ - ٢٥٥) وابن ماجة (٣٦٨٤) من رواية سعيد ابن المسيب عنه وهو منقطع، وسعيد لم يدركه أيضاً، وأخرجه الحاكم من طريقين (١/ ٤١٤) وأخرجه ابن حبان، ذكره الهيثمي في الموارد.

<<  <  ج: ص:  >  >>