قال الغزالي: الخَامِسُ: الاسْتِمْتَاعَاتُ كَالطِّيبِ وَاللُّبْسِ وَمُقَدِّمَاتِ الجِمَاعِ فِيهِ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ دَمُ تَخْيِيرٍ تَشْبِيهاً بِالحَلْقِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ دَمُ تَقْدِيرٍ أَيْضاً إِتْمَاماً لِلتَّشْبِيهِ، وَأَمَّا القَلْمُ فَفِي مَعْنَى الحَلْقِ.
قال الرافعي: دم التَّطيّب والتَّدهُّن واللِّباس ومقدمات الجماع دم ترتيب أو تخيير فيه قولان أو وجهان:
أحدهما: أنه دم ترتيب كدم التمتع؛ لأنه مُتَرفه بهذه الاستمتاعات كما أن المتمتع مُتَرفه بالتَّمتع.
وأظهرهما وبه قال أبو إسحاق: أنه دم تخيير تشبيهاً بفدية الحَلْق لاشتراكهما جميعاً في التِّرفه وإلحاقها بالحلق أولى منه بالتمتع، فإن الدم ثُمَّ إنما وجب لترك الإحرام من الميقات.
فإن قلنا بالأول، ففي كونه دم تقدير أو تعديل وجهان:
أحدهما: أنه دم تقدير إتماماً للتَّشْبيه بدم التَّمتع.
وأظهرهما: أنه دم تعديل كجزاء الصَّيْد؛ لأن التقدير إنما يؤخذ من التَّوقيف.
إن قلنا: بالثاني، ففي كونه دم تقدير أو تعديل أيضاً وجهان:
أظهرهما: أنه دم تقدير إتماماً لِلتَّشْبيه بالحَلْق، والحاصل من هذه الاختلافات أربعة أوجه:
أحدها: الترتيب والتعديل، وثانيها: التخيير والتعديل، وثالثها: التخيير والتقدير، وهذه الثلاثة هي المذكورة في الكتاب.
ورابعها: الترتيب والتقدير، وأظهر الوجوه: الثالث، وإيراد الكتاب يشعر بترجيح الأول، وبه قال صاحب "التهذيب"، وهذا الاختلاف لا يجئ في قَلْم الأظفار بل هو مُلْحق بالحَلْق بلا خلاف لاشتراكهما في معنى التَّرفه والاستهلاك جميعاً، -والله أعلم-.
قال الغزالي: السَّادِسُ: دَمُ الجِمَاعِ، وَفِيهِ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ سَبْعٌ مِنَ الغَنَمِ فَإِنْ عَجَزَ قَوَّمَ البَدَنَةَ دَرَاهِمَ وَالدَّرَاهِمَ طَعَاماً وَالطَّعَامَ صيَاماً، فَهُوَ دَمُ تَعْدِيلٍ وَتَرْتِيبٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُ دَمُ تَخْيِيرٍ كَالْحَلْقِ، وَقِيلَ: بَيْنَ البَدَنَةِ وَالبَقَرَةِ وَالشَّاةِ أَيْضًا تَرْتِيبٌ.
قال الرافعي: في خصال فدية الجماع وجهان:
أصحهما: أنها خمس: ذبح بَدَنة، وذبح بقرة وذبح سبع من الغنم، والإطعام بقدر قيمة البدنة على ما عرفت من سبيل التعديل، والصيام عن كل مُدٍّ يوماً.