وضوؤه كما لو مسهما من نفسه، وكذلك لو مس ذكر مُشْكل وفرج مشكل آخر ينتقض وضوؤه أيضاً، لكن هاهنا ينتقض لعلة المس، أو اللمس، وإن مس أحد فرجيه لا غير لم ينتقض وضوؤه؛ لاحتمال كونه عضواً زائداً، ولو مس أحد المشكلين فرج الآخر، ومس الآخر ذكر الأول انتقض طهارة أحدهما، لا بعينه؛ لأنهما إن كانا رجلين فقد أحدث ماس الذكر، وإن كانتا امرأتين فقد أحدثت ماسة الفرج، وإن كان أحدهما رجل والآخر امرأة فقد أحدثا جميعاً بسبب اللمس، فإذاً طهارة أحدهما باطلة لا محالة، لكنه غير متعين، وما من واحد منهما أفردناه بالنَّظر، إلا والحدث في حقه مشكوك فيه، فنستصحب يقين الطهارة، ولا نمنع واحداً منهما عن الصلاة، ونظائر ذلك لا تخفى.
وأما قوله في الكتاب في هذه المسألة:"ولكن تصح صلاة كل واحد منهما وحده" ففي كلمة "وحده" إشكال؛ لأن المفهوم منه أن لكل واحد منهما أن يصلى منفرداً، ويمتنع أن يقتدى بالآخر، كما نقول: إذا اختلف اجتهاد اثنين في إنَائَيْنِ مشتبهين، صلَّى كل واحد منهما وحده، يريد به ما ذكرنا، لكن اقتداء الخُنْثَى بالخنثى ممتنع على الإطلاق، فإن معنى التقييد في هذه المسألة: أن كلمة وَحْدَهُ يشبه أن يكون من سَبْقِ القلم، لا عن قَصْدٍ وَتَعَمُّدٍ؛ لأنه في "الوسيط" لم يتعرض لذلك، وإنما قال:"لكن تصح صلاتهما، ويأخذ كل واحد منهما باحتمال الصّحة"، وإن أتى بها عن قصد، فقد ذكر بعضهم أن فائدة التقييد أنه لا تجزئ صلاة واحد منهما خلف الآخر قطعاً، وإن بان بعد الفراغ كون الإمام رجلاً، بخلاف ما إذا اقتدى الخُنْثَى بالخنثى في غير هذه الصورة، ثم بان بعد الفراغ كون الإمام رجلاً، فإن في وجوب القضاء قولين -والله أعلم-.
قال الرافعي: من القواعد التي يَنْبَنِي عليها كثير من الأحكام الشرعية استصحاب اليقين، والإعراض عن الشَّكِّ، والأصل فيما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ، أَمْ لاَ؟ فَلاَ يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمسَجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحاً"(١). وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ