أحدها: قد يتوهم أن هذا الكلام متصل بآخر مسألة الخنثيين، وهو قوله:"لأن بقاء طهارته ممكن"، ولا شك أنه صالح لذلك، لكنه لم يقصد تذنيب المسألة به، وإنما أراد افتتاح قاعدة مقصودة في نفسها، وإيراده في "الوسيط" يوضح ذلك، ثم لا يخفى تخريج مسألة الخنثيين على هذه القاعدة.
الثاني: لا نعني بقولنا: اليقين لا يرفع ولا يترك بالشك يقيناً حاضراً، فإن الطهارة والحدث نقيضان، ومهما شككنا في أحد النقيضين فمحال أن نَتَيَقَّنَ الآخر، ولكن المراد أن اليقين الذي كان لا يترك حكمه بالشك، بل يستصحب؛ لأن الأصل في الشيء الدَّوام والاستمرار، فهو في الحقيقة عمل بالظن وطرح للشك.
الثالث: المشهور من معنى الشك التردد في طرفي وجود الشيء وعدمه بصفة التساوي، فإذا حدث له هذا التردُّد في الحدث بعد تيقن الطهارة، أو في الطهارة بعد تيقن الحدث لم يلتفت إليه واستصحب ما كان، وهذا الحكم لا يختص بالشك في طرف الحدث، بل لو كان الحادث ظن الحدث بعد تيقُّن الطهارة فهو كالشك في أنه يجوز له الصلاة؛ استصحاباً ليقين الطهارة، لكن لو ظَنَّ الطهارة بعد الحدث لم يستصحب حكم الحدث [بل له أن يصلي بالظن، فإذاً حكم الشك واحد في الطرفين، وحكم الظن في الحدث](١) خلاف حكمه في الطهارة.
قال الرافعي: لما تكلم في صور مَسِّ الخنثى أراد أن يبين ما ينكشف به حال الخُنْثَى، فذكر له طرقًا.
منها: خروج الخارج من أحد الفَرْجَيْنِ، وذلك على قسمين:
أحدهما: خارج لا يوجب الغُسْل، وهو البول، فإذا بال بفرج الرجال فَرَجُلٌ، وإن بَالَ بفرج النساء فامرأة، لما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: