للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سوى الذي يتعلق سببه بالاختيار، وإلا فنفس الملك بعد تمام السبب قهري أبداً، ومعلوم أن عود الملك بهذا التفسير اختياري لا قهري، والأصوب في توجيهه ما قيل أن الفسخ بالعيب يقطع العقد، ويجعل الأمر كما كان وليس كإنشاء العقود، ولهذا لا تثبت به المنفعة، فإذا كان الأمر كذلك كان نازلاً منزلة استدامة الملك، ولو وجد المشتري بالعبد عيباً والتصوير كما ذكرنا، فأراد رده واسترداد الثوب، فقد حكى الإمام عن شيخه طرد الخلاف؛ لأنه كما لا يجوز للكافر تملك المسلم لا يجوز للمسلم تَمْلِيك المسلم إِيَّاه، وعن غيره القطع بالجواز، إذ لا اختبار للكافر هاهنا في التملك بحال.

وقوله في الكتاب: "ولا يمنع من الرد بالعيب" إلى آخره، ينظم الصورتين اللتين ذكرناهما، لكن التوجيه المذكور في الثانية أظهر.

ولو باع الكافر العبد المسلم ثم تقابلا، ففيه الوجهان، إن قلنا: الإقالة فسخ، وإن قلنا: إنها بيع لم ينفذ، ولو وكل كافر مسلماً ليشتري له عبداً مسلماً لم يصح، لأن العقد يقع للوكيل أوّلاً، وينتقل إليه آخراً، ولو وكل مسلم كافراً ليشتري له عبداً مسلماً، فإن سمي الموكّل في الشراء صح، وإلاّ فإن قلنا: يقع الملك للوكيل أولاً لم يصح، وإن قلنا: يقع للموكل صح، وهل يجوز أن يشتري الكافر العبد المرتد؟ فيه وجهان لِبقاء علقة الإسلام، وهذا كالخلاف في أن المرتد هل يقتل بالذمي؟

وإذا اشترى الكافر عبداً كافراً فأسلم قبل القبض، هل يبطل البيع؟ كما لو اشترى عصيراً فتخمر قبل القبض أَوْلاً يبطل كما إذا اشترى عبداً فأبق قبل القبض؟ فيه وجهان؟ وإن قلنا: لا يبطل فهل يقبضه المشتري؟ أو ينصب الحاكم من يقبض عنه، ثم يأمره بإزالة الملك فيه وجهان:

جواب القفال منهما في "فتاويه": أنه لا يبطل ويقبضه الحاكم وهو الأظهر، هذا كله تفريع على قول المنع.

أما إذا صححنا شراء الكافر العبد المسلم، نظر إن علم الحاكم به قبل القبض فيمكِّنه من القبض، أو ينصب مسلماً يقبض عنه فيه وجهان، ثم إذا حصل القبض أو علم به بعد القبض أمره بإزالة الملك على الوجه الذي في الفصل التالي لهذا الفصل -إن شاء الله تعالى-.

قال الغزالي: وَلَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ لكَافِرٍ طُولِبَ بِبَيْعِهِ، فَإِنْ أَعْتَقَ أَوْ أَزَالَ المِلْكَ عَنْهُ بِجِهَةٍ كَفَى، وَتَكْفِي الكِتَابَةُ عَلَى أَسَدِّ الوَجْهَيْنِ، وَلاَ تكْفِي الحَيْلُولَةُ والإِجَارَةُ وِفاقاً إِلاَّ في المُسْتَوْلَدَة لأَنَّ الإعْتَاقَ تَخْسِيرٌ وَالبَيْعِ مُمْتَنِعٌ (و)، ثُمَّ يَسْتَكْسِبُ بَعْدَ الحَيْلُولَةِ لِأَجْلِهِ، وَلَوْ مَاتَ الكَافِرُ قَبْلَ البَيْعِ بِيعَ عَلَى وَارِثهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>