للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: إذا كان في ملك الكافر عبد كافر وأسلم لم يقر في يده دفعاً للذل عن المسلم، وقطعاً لسلطنة الكافر عنه.

قال الله عز وجل: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (١) ولا يحكم بزوال ملكه، بخلاف ما إذا أسلمت المرأة تحت الكافر؛ لأن ملك النَكاح لا يقبل النقل من شخص إلى شخص فتعين البطلان، وملك الثمن يقبل النقل، وبه يحصل دفع الذل فيصار إليه، ويؤمر بإزالة ملكه عنه ببيع أو عتق أو هبة أو غيرها، فأي جهة أزال الملك حصل الغرض، ولا يكفي الرهن والتزويج والإجارة والحَيْلولة، وهل تكفى الكتابة؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، لاستمرار الملك على رقبة المُكَاتب.

وأظهرهما: نعم، لأن الكتابة تفيد الاستقلال، ويقطع حكم السَّيد عنه.

فإن قلنا بهذا فالكتابة صحيحة، وإن قلنا بالأول فوجهان:

أحدهما: أنها فاسدة ويباع العبد.

والثاني: أنها صحيحة إن جوزنا بيع المكاتَب بيع مكاتَباً، وإلا فسخت الكتابة وبيع، فإن امتنع الكافر من إزالة المِلْك عنه باعه الحاكم عليه بثمن المثل، كما يبيع مال الممتنع من أداء، الحق، فإن لم يتفق الظّفر لمن يبتاعه بِثَمَن المثل فلا بد من الصبر، ويحال بينه وبين الكافر إلى الظهر ويتكسب له وتؤخذ نفقته منه. هذا كله في المملوك القِنّ. أما إذا أسلمت مُسْتولدة الكافر فلا سبيل إلى نقلها إلى الغير بالبيع والهبة ونحوهما على المذهب الصحيح، وهل يجبر على إعتاقها؟ فيه وجهان:

احدهما: نعم لأنها مستحقة العِتَاقَة، فلا يبعد أن يؤثر عُرُوض الإسلام في تقديمها.

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب: لا لما فيه من التخيير، فعلى هذا يحال بينهما وينفق عليها وتتكسب له في يد غيره.

ولو مات الكافر الذي أسلم العبد في يده صار العبد إلى وارثه ويؤمر بما كان يؤمر به المورث، فإن امتثل فذاك وإلاّ بيع عليه كما ذكرنا في المورث (٢)، وليس قوله في


(١) سورة النساء، الآية: ١٤١.
(٢) لا يجوز إدخال عبد مسلم في ملك كافر إلا في مسائل:
منها: الإرث.
ومنها: أن يسترجعه بإفلاس المشتري.
ومنها: أن له الرجوع في هبته لولده. =

<<  <  ج: ص:  >  >>