للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثبت الخيار في هذه المدة بين العوضين ليختار هذا الفسخ أو هذا الإمضاء، فجاز أن يثبت له الخيار بين عبدين، وكما تتقدر نهاية الاختيار بثلاث تتقدر نهاية ما يتخير به من الأعيان بثلاثة، ولا يخفى ضعف هذا التوجيه، ووجه المذهب القياس على ما إذا زاد العَبِيد على ثلاثة، ولم يجعل له الاختيار لو زاده على الثلاث، أو فرض ذلك في الثِّيَاب والدَّواب وغير العبيد من الأعيان وعلى النكاح فإنه لو قال: أنكحتك إحدى ابنتي أو يناتي لا يصح النِّكَاح، ولو لم يكن له إلاَّ عبد واحد فحضر في جماعة من العبيد، وقال السيد: بعتك عبدي من هؤلاء والمشتري يراهم، ولا يعرف عين عبده فحكمه حكم بيع الغائب قال في "التتمة".

وقال صاحب "التهذيب": عندي هذا البيع باطل، لأن المبيع غير متعيّن وهو الصحيح، ثم قال في الفصل مسألتان:

إحداهما: في بيع صاع من الصُّبْرَة، والرأي أن يقدم عليهما فصلان:

أحدهما: أن بيع الجزء الشَّائع من كل جملة معلومة (١) من أرض ودار وعبد وصُبْرَة وثمرة وغيرها صحيح، نعم لو باع جزءاً شائعاً من شيء بمثله من ذلك الشيء، كما إذا كان بينهما نصفين فباع هذا نصفه بنصف ذاك فوجهان:

أحدهما: أنه لا يصح البيع، لأنه لا فائدة فيه.

وأصحهما: الصحة لاجتماع الشرائط المرعيَّةِ في العقد، وله فوائد:

منها: لو ملكا أو أحدهما نصيبه بالهِبَة من أبيه انقطع ولأبيه الرجوع. ومنها: لو ملكه الشراء ثم اطَّلَع بعد هذا التَّصرف على عيب لم يملك الرد على بائعه.

ومنها: لو ملَّكْته صداقاً، وطلَّقها الزَّوج قبل الدخول لم يمكن له الرجوع فيه. (٢)

ولو باع الجملة واستثنى منها جزءاً شائعاً فهو صحيح. أيضاً.

مثاله: أن يقول: بِعْتُك ثمرة هذا الحائط إلا ربعها أو قدر الزكاة منها، ولو قال: بعتك ثمرة هذا الحائط بثلاثة آلاف درهم إلاَّ ما يخص ألفاً، فإن أراد ما يخصه إذا وزع عن الثمرة على المبلغ المذكور صح، وكان استثناء للثلث، وإن أراد ما يساوي ألفاً عند التقويم فلا لأنه مجهول.


(١) التغيير بالمعلومة لعل المراد بالمرئية وإلاَّ فلا حاجة القيد.
(٢) ولو باع نصفه بالثلث من نصف صاحبه، ففي صحته الوجهان: أصحهما: الصحة ويصير بينهما أثلاثاً، وبهذا قطع صاحب "التقريب"، واستبعده الإمام، وقد ذكر الإمام الرافعي هذه المسألة في كتاب "الصلح". ينظر الروضة (٣/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>