للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني: لو باع ذراعاً من أرض أو دار أو ثوب ينظر إن كانا يعلمان جملة ذرعانها، كما إذا باع ذراعاً، والجملة عشرة فالبيع صحيح، وكأنه قال: بعت العشر قال الإمام: إلا إن يقين يعني فيفسد كقوله: شاة من القطيع، ولو اختلفا فقال المُشْتري: أردت الإِشَاعَة فالعقد صحيح، وقال البائع: بل أردت معيناً ففيمن يصدق؟ احتمالات (١) وذكر أيضاً تخريج وجه في فساد العقد، وإن لم نعنِ بالذِّرَاع معيناً، وستعرف كيفيته -إن شاء الله تعالى- وإن كانا لا يعلمان أو أحدهما ذُرعان الدار والثوب لم يصح البيع؛ لأن أجزاء الأرض والثوب تتفاوت غالباً في المنفعة والقيمة والإشاعة متعذرة.

وعن أبي حنيفة: أنه لا يصح. البيع سواء كانت الذّرْعَان معلومة أو مجهولة ذهاباً إلى أنَّ الذِّراع اسم بقعة مخصوصة فيكون البيع مبهماً، ولو وقف على طرف الأرض وقال: بعتك كذا أذراعاً من موقفي هذا في جميع العرض إلى حيث ينتهي في الطول صح البيع في أحد الوجهين.

إذا عرفت الفصلين فنقول: إذا قال: بعتك صاعاً من هذه الصُّبْرَة بكذا فله حالتان:

إحداهما: أن يعلما مبلغ صِيْعَان الصُّبْرَة فالعقد صحيح، ونقل إمام الحرمين في تنزيله خلافاً للأصحاب، منهم من قال: المبيع صاع من الجملة مشاع، أي صاع كان، لأن المقصود لا يختلف، فعلى هذا يبقي المبيع ما بقي صاع، وإذا تلف بعض الصُّبْرَة لم يتقسط على المبيع وغيره.

ومنهم من نزل الأمر على الإِشَاعَة وقال: إذا كانت الصُّبْرَة مائة صاع فالمبيع عشر العشر، وعلى هذا لو تلف بعض الصُّبْرَة تلف بقدره من المَبِيع، هذا ما أورده الجمهور في هذه الحالة ومنهم صاحب الكتاب.

والثانية: أن لا يعلما أو أحدهما مبلغ صِيْعَانها، ففي صحة البيع وجهان:

أحدهما: وهو اختيار القفال: أنه لا يصح؛ لأن المبيع غير معيّن ولا موصوف فأشبه ما لو باع ذِراعاً من أرض أو ثوب وجملة الذّرْعَان مجهولة، أو باع صاعاً من ثمرة النَّخْل.

والثاني: هو للحكاية عن نصه: أنَّهُ صحيح والمبيع صاع منها أي صاع كان حتى لو تلف جميعها سوى صاع واحد تعين العقد فيه، والبائع بالخيار بين أن يسلم من أعلى الصُّبْرَة أو من أسفلها، وإن لم يكن الأسفل مرئياً؛ لأن رؤية ظاهر الصُّبْرَة كرؤية


(١) أرجحهما البائع.

<<  <  ج: ص:  >  >>