للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمشتري حق الممر من جميع الجوانب، كما كان ثابتاً للبائع قبل البيع، وإن أطلق البيع ولم يتعرض للممر ففي المسألة وجهان:

أظهرهما: أن مطلق البيع يقتضي حق الممر لتوقُّف حق الانْتِفَاع عليه، فعلى هذا البيع صحيح، كما لو قال: بعتكها بحقوقها.

والثاني: أنه لا يقتضيه، لأنه لم يتعرض له، فعلى هذا هو كما لو نفى الممر وفيه وجهان:

أحدهما: أنَّ البيع صحيح لإمكان التَّدرج إلى الانتفاع بتحيصيله ممرّاً.

وأصحهما عند الإمام وغيره: البطلان لتعذر الانتفاع بها في الحال، ولو أن الأرض المبيعة كانت ملاصقة للشَّارع، فليس للمشتري طروق ملك البائع، فإنّ العادة في مثلها الدخول من الشارع فينزل الأمر عليها، ولو كانت ملاصقة لملك المشتري فلا يتمكن من المرور فيما أبقاه البائع لنفسه بل يدخل فيه من ملكه القديم، وأبدى الإمام احتمالاً قال: وهذا إذا أطلق البيع، أما إذا قال: "بحقوقها" فله المرور في ملك البائع، وصاحب الكتاب رجح من وجهي مسألة نفي الممر وجه الصحة، لكن الأكثرين على ترجيح مقابله، وتوسّط في "التهذيب" فقال: إن أمكن اتخاذ ممرٍّ من جانب صح البيع، وإلاّ فلا، ولو بَاعَ داراً، واستثنى لنفسه بيتاً فله الممر، وإن نفى الممر نظر إن أمكن اتخاذ ممر آخر صح، وإن لم يمكن فوجهان، ووجه المنع ما قدمناه عن شارح "المفتاح". (١)

قال الغزالي: أَمَّا القَدْرُ فَالْجَهْلُ بهِ فيمَا في الذِّمَّةِ ثَمَناً أَوْ مُثَمَّناً مُبْطِلٌ كَقَوْلِهِ: بِعْتُ بِزِنَةِ هَدِهِ الصَّنْجَةِ، وَلَوْ قَالَ: بعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلُّ صَاعٍ بدِرْهَمٍ صَحَّ (ح)، وَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الصِّيْعَانِ، لِأَنَّ تَفْصِيلَ الثَّمَنِ مَعْلُومٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ جُمْلَتَهُ وَالغَرَرُ يَنْتَفِي بِهِ، فَإِنْ كَانَ مُعَيّنًا فَالوَزْنُ غَيْرُ مَشْرُوطٍ بَلْ يَكْفِي عِيَانُ صُبْرَةِ الحِنْطَةِ وَالدَّرَاهِم، فَإِنْ كَانَ تَحْتَهَا دِكَّةٌ تَمْنَعُ تَخْمِينَ القَدْرِ فَيُخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْ بَيْعِ الغَائِبِ لاسْتِوَاءِ الغَرَرِ، وَقَطَعَ بَعْضُ المُحَقِّقِينَ بِالبُطْلاَنِ لِعُسْرِ إِثْبَاتِ الخِيَارِ مَعَ جَرَيَانِ الرُّؤْيَةِ.

قال الرافعي: المبيع قد يكون في الذمة وقد يكون معيناً، والأول: هو السَّلم (٢)، والثاني: وهو المشهور باسم البيع، والثمن فيهما جميعاً قد يكون في الذمة، وإن كان


(١) أصحهما البطلان كمن باع ذراعاً من ثوب ينقص بالقطع.
(٢) هذا إذا كان بلفظ السلم، فإن كان بلفظ البيع خاصة كان قال: اشتريت منك ثوباً صفته كذا بهذه الدراهم فهو بيع على الأصح عند الشيخين كما سيأتي في كتاب السلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>