للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما روي عن عبد الله بن عمر أنه قال: "أَمَرَنِي رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَشْتَرِيَ بَعِيراً بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلِ" (١).

وعند أبي حنيفة: لا يجوز إسلام الشيء في جنسه.

وعن مالك: يجوز عند التَّسَاوي، ولا يجوز عند التَّفاضل.

وأما في الحالة الثانية: فينظر هذا ربويٌّ بِعِلّة، وذاك ربوي بعلة، أو هما ربويان بعلة واحدة.

فإن اختلفت العلة لم تجب رعاية التَّمَاثل ولا الحُلُول ولا التَّقابض، ومن صور هذا القسم أن يسلم أحد النَّقْدين في البُرِّ أو يبيع الشَّعِير بالذَّهَب نقداً أو نَسِيئة.

وإن اتَّفقت العلِّة، فينظر إن اتَّحد الجِنْس كما لو باع الذَّهب بالذّهب والبُرَّ بالبُرِّ، ثبت فيه أنواع الربا الثلاثة، فيجب رعاية التّماثل والحلول والتقابض في المجلس، وإن اختلف الجنس لم يثبت النوع الأول، ويثبت النوعان الباقيان.

مثاله: إذا باع ذهباً بفضة أو بُراً بشعير لم تجب رعاية المماثلة، ولكن يجب رعاية الحلول والتقابض قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر خبر عبادة: "فَبيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، يَداً بِيَدٍ" (٢).

أباح التفاضل بقوله: "كَيْفَ شِئْتُمْ" واعتبر التقابض بقوله: "يَدًا بيَدٍ"، وإذا كان التقابض معتبراً، كان الحلول معتبراً، فإنه لو جاز التأجيل لجاز تأخير التسَليم إلى مضي المدة.

وعند أبي حنيفة: لا يشترط التقابض إلا في الصّرف، وهو بيع النّقد بالنّقد، وبه قال أحمد في رواية.

لنا: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر النقدين وغيرهما في حديث "عبادة" في قرن واحد، ثم قال: "إِلاَّ يَداً بِيَدٍ" (٣).

فسوى في اعتبار التَّقابض بين الذهب بالذهب والبر بالبر -والله أعلم-.

ولنعد إلى لفظ الكتاب.

قوله: "فمن باع شيئاً من هذه المَطْعُومات بجنسه ... " إلى آخره شروع منه في


(١) أخرجه أبو داود (٣٣٥٧) والدارقطني (٣/ ٦٩) والحاكم (٢/ ٥٦ - ٥٧) وقال: صحيح على شرط مسلم، والبيهقي (٥/ ٢٨٧) وذكر له شاهد.
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>