جنسه كيف شاء. وأما بجنسه، فينظر فإن كان مما يجفف كالبَطِّيخ الذي تفلق وحبّ الرُّمَّان الحامض فلا يجوز بيع بعضه ببعض في حال الرُّطُوبة كبيع الرُّطَب بالرُّطَب، ويجوز في حالة الجَفَافِ بشرط التَّسَاوي، وهذا حكم كل ما يُجَفَّف من الثِّمَار، وإن كان مقدراً كالمشمِش والخَوخ والكُمْشَري الذي يفلق.
وحكى الإمام وجهاً: أنه لا يجوز بيعها في حالة الجَفَاف أيضاً بجنسها إذ ليس يتقرر لها حالة كمال. وإن كان مما لا يجفف كالقِثَّاء ونحوه، فهل يجوز بيع بعضها ببعض في حال الرطوبة؟ فيه قولان: وكذا في المقدرات التيَ لا تجفف كالرُّطَب الذي لا يتمر، والعنب الذي لا يتزبب.
أصحهما: المنع، كبيع الرطب بالرطب.
والثاني: الجواز، لأن معظم منافع هذه الأشياء في رطوبتها فبيع بعضها ببعض كبيع اللَّبن باللبن، فعلى هذا إن لم يمكن كيله كالبَطِّيخ والقِثَّاء بيع وزناً، وإن أمكن كالتُفَّاح والتِّيْن فيباع وَزْناً أو كَيْلاً وجهان:
أصحهما: أولهما، لأن الوزن أخصر، ولا بأس على الوجهين بتفاوت العدد.
إذا عرفت طريق المماثلة في الباب فمن فروعه أن يريد شريكان في شيء من مال الرِّبَا قسمته بينهما، فهو مبني على أن القسمة بيع أو إفراز فإن قلنا بالأول وهو الأصح فلا يجوز قسمة المكيل بالوزن، ولا قسمة الموزون بالكيل.
وما لا يباع بعضه ببعض كالعِنَبِ والرُّطَب فلا يقسم أيضاً.
وإن قلنا بالثاني جاز قسمة المكيل بالوزن وبالعكس، ويجوز قسمة الرطب ونحوه بالوزن. لا يجوز قسمة الثِّمَار بالخَرْص على رُؤوس الأشجار.
إن قلنا: إنها بيع. وإن قلنا: إفراز فقد حكى الشيخ أبو حامد عن نصه: الجواز في الرطب والعنب؛ لأن لِلْخَرْص مدخلاً فيهما دون سائر الثمار، ومنهم من أطلق المنع. ومن فروعه أنه لا يجوز بيع مال الربا بجنسه جُزَافاً، ولا بالتَّخْمين والتَّحري خلافاً لمالك حيث اكتفى في المكيلات بالتَّحري إذا كانا في بادية.
فلو باع صُبْرَة من الحِنْطة بِصُبْرَة أو دراهم بدراهم جُزافاً، أو بالتخمين لم يجز، سواء خرجتا متماثلتين أم لا، أما إذا ظهر التَّفَاضُل فظاهر.
وأما إذا لم يظهر فاحتجوا له بأن التساوي شرط، وشرط العقد يعتبر العلم به عند العقد.
ألا ترى أنه لو نكح امرأة لا يدري أهي معتدة أم لا، أو هي أخته من الرضاع أم لا، لا يصح النكاح؟