امتنع بيعه بالحنطة، كما يجوز بيع الدهن بالدهن، وإن امتنع بيعه بالسِّمسم.
وفي بيع الخبز الجاف المدقوق بمثله قول: أنه يجوز لإمكان كيله والأَمْن من التفاضل فيه وهذا رواه الشيخ أبو حامد والعراقيون عن رواية حرملة، والشيخ أبو عاصم العبادي وآخرون عن رواية ابن مِقْلاَص.
ورد الإمام رواية ابن مِقْلاَص إلى شيء آخر، وهو تجويز بيع الْحِنطة بالسُّوَيق، وجعلهما جنسين:
وقال مالك -رضي الله عنه-: يجوز بيع الحنطة بالدقيق، وبه قال أحمد في أظهر الرِّوايتين، إلاَّ أن مالكاً يعتبر الكيل، وأحمد يجوز الكيل والوزن.
وقال أبو حنيفة: يجوز بيع الدقيق بالدقيق بشرط تساويهما في النُّعومة والخشونة، ولا يجوز بيع الحنطة المَقْلِية بالمَقْلِية ولا بغيرها لتغيرها عن هيئتها واختلاف الحبات في التأثر بالنار، ولا بيع الحِنْطة المبلولة بالمَبْلُولة ولا بغيرها لما في المَبْلُولة من الانْتِفاخ والتَّجافي، فإن جفت لم يجز أيضاً لتفاوت جنسها عند الجفاف، وإذا منع مجرد البل بيع البعض بالبعض، فالتي نُحِّيت قشرتها بعد البَلِّ بالتَّبريس أولى أن لا يباع بعضها ببعض. قال الإمام: في الجَارُوسِ عندي احتمال إذا نجيت قِشْرَتها، وكما أن المَبْلُولة مجاوزة حالة الكمال، فالتي لم يتم جفافها غير واصلة إلى حالة الكمال، وإن أفركت وأخرجت من السَّنابل.
ويجوز بيع الحِنْطة وَمَا يتخذ منها من المَطْعُومات بالنّخَالة، لأنها ليست مال الربا، وكذا بيع المُسَوَّسة بالمُسَوسة إذا لم يبق فيهما شيء من اللّب قاله في "النهاية".
الثانية: السِّمْسم وغيره من الحبوب الَّتِي يتخذ منها الأدهان على حالة الكمال ما دامت على هيئتها كالأقوات فلا يجوز بيع طَحينها بِطَحْينها كبيع الدَّقيق بالدقيق.
والدهن المستخرج منها على حالة الكمال أيضاً، حتى يجوز بيع بعضها ببعض متماثلاً.
وفيه وجه: أن بيع الدُّهن بالدُّهن لا يجوز؛ لأن الدهن لا يستخرج إلا بعد طرح حلاوة أو ملح على الطّحين، فيلتحق بصورة مدّ عَجْوة، والمذهب الأول.
ويجوز أن يكون للشيء حالتا كمال، أَلاَ ترى أن الزَّبيب والخَلَّ كلاهما على حالة الكمال مع أن أصلهما العنب؟ وكذلك العصير على حالة الكمال في أصح الوجهين، حتى يجوز بيع عصير العنب بعصير العنب، وعصير الرطب بعصير الرطب، والمعيار فيه، وفي الدهن الكيل.
ويجوز بيع الكُسْب بالكُسْب أيضاً إن لم يكن فيه خلط، فإن كان فيه خلط لم