للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أن المراد منه نبذ الحَصَاة، وسنفسره.

ومنها: ما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نهى عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ" (١). وله تأويلات:

أحدها: أن يقول: بعتك ثوباً من هذه الأثواب وارْمِ بهذه الحَصَاة فعلى أيهما وقعت فهو المبيع، أو يقول: ارْمِ بهذه الحَصَاة، فعلى أي موضع بَلَغَت من الأرض يكون مبيحاً منك.

والثاني: أن يقول: بعتك هذا بكذا على أنك بالخِيَار إلى أن أرمي بهذه الحَصَاة.

والثالث: أن يجعلا نفس الرَّمي بيعاً، فيقول البائع: إذا رميت بهذه الحَصَاة فهذا الثوب مبيع منك بعشرة، والبيع باطل في الصور الثلاث.

أما في الأولى فللجهل بالمبيع.

وأما في الثانية فلكون الخِيَار مجهولاً.

وأما في الثالثة فلاختلال الصِّيغة.

ومنها ما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضاً أن النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ (٢) ".

وله تأويلان مذكوران في "المختصر":

أحدهما: وهو المذكور في الكتاب: أن يقول: بعتك هذا العبد بألف نقداً أو بألفين إلى نسيئة، فخُذ بأيهما شئت أو شئت أنا، فهذا العقد باطل للجهل بالعوض، كما لو قال: بعتك هذا العبد أو هذه الجَارِية بكذا، ولو قال: بعتك بألف أو بألفين إلى سنة، أو قال: بعتك نصف هذا العبد بألف ونصفه بألفين صح البيع، ولو قال: بعتك هذا العبد بألف نصفه بستمائة لم يصح؛ لأن ابتداء السلام يقتضي توزيع الثَّمن على المُثَمَّن بِالسَّوِية وآخره يناقضه، هكذا نقله صاحب "التهذيب" حكماً وتعليلاً.

والثَّاني: أن يقول: بعتك هذا العبد بألف على أن تبيعني دارك بكذا، أو اشْتَرِ مني داري بكذا فهو باطل؛ لأنه بيع وشرط، هذا وسنذكر المعنى في بطلانه على الأثر -إن شاء الله تعالى-.


(١) أخرجه مسلم (١٥١٣).
(٢) أخرجه الترمذي (١٢٣١) وقال حسن صحيح، وأبو داود (٣٤٦١) والنسائي (٧/ ٣٩٦) والحاكم (٢/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>