للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}. (١)

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: أَمَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْروٍ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشاً وَأَمَرَهُ أَنْ يَبْتَاعَ ظَهْراً إِلَى خُرُوجِ الْمُصَّدَّقِ" (٢) وإن كان مجهولاً، كقدوم زيد أو مجيء المطر، وإقباض المبيع فهو فاسد.

وذكر القاضي الرُّويانِيُّ: أنه لو أجل الثمن إلى ألف سنة بطل العقد للعلم بأنه لا يبقى إلى هذه المدة، ويسقط الأجل بالموت كما لو أجَّر ثوباً ألف سنة لا يصح، فعلى هذا يشترط في صحة الأجل مع كونه معلوماً احتمال بقائه إلى المدة المضروبة (٣).

ثم موضع الأجل ما إذا كان العوض في الذِّمة، فأما ما ذكره في المبيع أو في الثمن المعين، مثل أن يقول: اشتريت بهذه الدنانير على أن أسلمها في وقت كذا فهذا فاسد؛ لأن الأجل رفق أثبت لتحصيل الحق في المدة والمعين حاصل، ولو حلَّ الأجل فأجَّل البائع المشتري مدة، أو زاد في الأَجَل قبل حُلُول الأجل المَضْروب أولاً، فهو وعد لا يلزم خلافاً لأبي حنيفة فيهما، وساعدنا على أن بدل الإِتْلاف لا يتأجل وإن أجله، وقال مالك -رحمه الله -تعالى: يتأَجَّل.

لو أوصى من له دَيْن حال على إنسان بإمهاله مدة، فعلى ورثته إمهاله تلك المدة، لأن التبرعات بعد الموت (٤) تلزم، قاله في "التتمة".

وحكى هو وصاحب "التهذيب" وجهين فيما لو أسقط من عليه الدَّين المؤجل الأجل فهل يسقط حتى يتمكَّن المستحقّ من مطالبته في الحال؟

أصحهما: أنه لا يسقط؛ لأن الأجل صفة تابعة، والصفة لا تفرد بالإسقاط، أَلاَ تَرَى أن مستحق الحِنْطة الجيدة أو الدنانير الصِّحاح لو أسقط صفة الجودة أوالصحة لا تسقط؟

ومنها: شرط الخِيَار ثلاثة أيام على ما سيأتي - إن شاء الله تعالى -.

ومنها: شرط وَثيقة الثمن بالرَّهْن والكفيل والشهادة فيصح البيع بشرط أن يرهن


(١) سورة البقرة، الآية ٢٨٢.
(٢) أخرجه الدارقطني والبيهقي، وانظر حديث اشترى بعيراً ببعيرين إلى أجل.
(٣) لا يشترط احتمال بقائه إليه بل ينتقل إلى وارثه لكن التأجيل بألف سنة وغيرها مما يبعد بقاء الدنيا إليه فاسد.
(٤) يستثنى من الكفيل ما لو باع عيناً من رجلين، وشرط أن كلاً منهما يضمن الآخر لم يصح العقد وإن كان يصح أن يشترط على المشتري أن يضمنه غيره بالثمن كذا جزم به القاضي الحسين في باب الضمان من تعليقه وكذا الغزالي في البسيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>