المُشْتَري بالثَّمن، أو يتكفل به كفيل أو يشهد عليه، سواء كان الثَّمن حالاً أو مؤجلاً ولا يخفى وجه الحاجة إلى التوفيق بهذه الجهات.
وقد قال تعالى:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}.
وقال:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}(١).
وكذلك يجوز أن يشرط المشتري على البائع كفيلاً بالعُهْدة، ولا بد من تعيين الرهن والكفيل والمعتبر في الرَّهن المشاهدة أو الصفة، كما يوصف المسلم فيه، وفي الكفيل المشاهدة أو المعرفة بالاسم والنسب، ولا يكفي الوصف بأن يقول رجل موسر ثقة، هذا هو النقل [عن الأصحاب].
ولو قال قائل: الاكتفاء بالصِّفة أولى من الاكتفاء بمشاهدة من لا يعرف حاله لم يكن ببعيد، وهل يشترط التعيين في شرط الإشْهاد؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم، كما في الرَّهن والكفيل.
وأصحهما: لا، وهو المذكور في الكتاب؛ لأن المطلوب في الشُّهُود العدالة لإثبات الحق عند الحاجة بخلاف الرهن والكفيل، فإن الأغراض فيهما تتفاوت، ولصاحب الوجه الأول أن يقول: وقد يكون بعض العدول أوجه، وقوله:"أسرع قبولاً فيتفاوت الغرض في أعيانهم أيضاً" وادعى الإمام القطع بالوجه الثاني، ورد الخلاف إلى أنه لو عين الشّهود هل يتعيَّنون أم لا؟ وهل يجب التعرض لكون المرهون عند المرتهن أو عند عدل؟ فيه وجهان:
أظهرهما: لا، بل إن اتفقا على يد المُرْتَهِن أو يبد عدل فذاك، وإلاَّ جعله الحاكم في يد عدل، وليكن المشروط رهنه عند غير المبيع.
أما إذا شرط أن يكون المبيع نفسه رهناً بالثمن لم يصح الرهن؛ لأن المرهون غير مملوك له بَعْدَ وَلاَ المبيع، هكذا أطلقه الجمهور، وأورد الإمام فيه تفصيلاً كما سيأتي، والمطلقون وجهوه بأمور.
منها: أن الثمن إمَّا مؤجل يجوز حبس المبيع لاستيفائه، أو حال فله حبسه لاستيفائه، فلا معنى للحبس بحكم الرهن.
ومنها: تَنَاقُض الأحكام، فإن قضية الرهن كون المال أمانة، وأن يسلم الدَّيْن أوّلاً، وقضية البيع بخلافه.