وقوله: "والقياس إبطال الشرط"، أراد مع تصحيح، العقد على ما دل عليه كلامه في "الوسيط".
قال: لأن المصير إلى إبطال العقد مع الحديث لا وجه له، وإن قال قائلون به، وتأويل إذنه في الشرط أنه كان يثق بعائشة -رضي الله عنها- أنها تفي به تَكَرُّما لا أنه لازم.
التفريع: إن صححنا شرط العِتْق فذلك إذا أطلق أو قال: بشرط أن تعتقه عن نفسك.
أما إذا قال: بشرط أن تعتقه عني فهو لاغ (١)، ثم العتق المشروط حق من؟ فيه وجهان:
أظهرهما: أنه حق الله عز وجل كالملتزم بالنَّذر.
والثاني: أنه حق البائع، لأن اشتراطه يدل على تعلق غرضه، به والظاهر أنه تسامح في الثمن إذا شرط العتق.
فإن قلنا: إنه حق البائع فله المطالبة به لا محالة.
وإن قلنا: إنه حق الله -تعالى- فوجهان:
أحدهما: أنه ليس له المطالبة به، إذ لا ولاية له في حقوق الله عز وجل.
وأصحهما: أنه ليس له ذلك؛ لأنه ثبت بشرطه وله غرض في تحصيله، وإذا أعتقه المشتري، فقد وفَّي بما الْتَزَم والولاء له.
وإن قلنا: العِتق حق البائع؛ لأنه صدر عن مِلْكه وإن امتنع، فهل يجبر عليه؟ فيه وجهان، وقيل: قولان:
أصحهما عند المصنف: أنه يجبر عليه.
والثاني: لا، ولكن للبائع الخيار في فسخ البيع، وهما مبنيان على أن العتق حق من؟
(١) أي العقد كما صرح به في شرح المهذب والمطلب لأنه يتضمن نقل الملك إليه وبقاءه على ملكه مع سلامة الثمن له وذلك أبلغ من شرط عدم التسليم. قال الزركشي، هذا في غير البيع الضمني. أما لو قال أعتق عبدك عني على كذا بشرط أن يكون الولاء لك، ففي التتمة في باب الخلع المذهب المشهور أن الشرط يفسد ويقع العتق عن المستدعي وعليه القيمة. انتهى. وقد يقال لا استثناء بل العقد فاسد أيضاً بدليل عدم لزوم المسمى وإنما يقع عنه وتلزمه القيمة لالتماسه العتق على عوض وإسعاف المالك بما سأله وهنا لم يعتقه المالك عن المستدعي مجاناً فوجبت القيمة فليتأمل.