للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشتري بشرط العتق، ومنهم من زَادَ في هذا الوجه أنه يعرف قدر التَّفَاوت هكذا، ويجب عليه مثل نسيته من الثَّمن المسمى.

والثالث: أنَّ البائع بالخيار إن شاء أجاز العَقْد ولا شيء له، وإن شاء فسخ البيع ورد ما أخذ من الثمن، ويرجع بقيمة العقد عليه.

وحكى بعضهم بدل هذا الوجه: أنه ينفسخ العقد لتعذُّر إِمْضَائه، إذ لا سبيل إلى إيجاب شيء على المُشْتَري من غير تَفْويت ولا إلزام ولا إلى الاكتفاء بالمسمى، فإن البائع لم يَرْضَ به إلاَّ بشرط العتق، وهذه الوجوه مُفَرَّعة على أن العِتْق للبائع، أو هي مطردة، سواء قلنا: إنه للبائع أو لله تعالى -فيه رأيان [للإمام]:

أظهرهما: الثاني (١). ولو اشترى عبداً بشرط أن يدبره أو يُكَاتبه أو يعتقه بعد شهر أو سنة، أو داراً بشرط أن يجعلها وقفاً، ففي هذه الشروط وجهان:

أصحهما: أنها ليست كشرط العِتْق بل يبطل البيع بها، وجميع ما ذكرناه في شرط العِتْق مفروض فيما إذا لم يتعرض للولاء، فأما إذا شرط مع العتق كون الوَلاَء للبائع ففيه وجهان:

أحدهما: أنه يبطل البيع، لأن شرط الولاء تغيير ظاهر لِمُقْتَضَى العقد لتضمنه نقل الملك إلى البائع، وارتفاع العقد.

والثاني: أنه يصح لحديث بريرة، فإن عائشة -رضي الله عنها- أخبرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن مواليها لا يبيعونها إلا بشرط أن يكون الولاء (٢) لهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اشْتَرِي وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاَءَ"، أَذِنَ في الشِّراء بهذا الشرط، وهو لا يأذن في باطل، وعلى هذا ففي صحة الشرط قولان نقلهما الإمام:

أحدهما: أنه لا يصح.

لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "خَطَبَ بعَدَ ذَلِكَ وَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَام يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً لَيْسَتْ فِي كِتَاب اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَاب اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ، شَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ، وَقَضَاءُ اللهِ أَحَقُّ، وَالْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" (٣).

والثاني: أنه يصح؛ لأنه إذن في اشتراط الوَلاَء، وهو لا يأذن في باطل، وهذا هو الذي أورده صاحب الكتاب.


(١) وهذا الثاني مقتض كلام الأصحاب وإطلاقهم.
(٢) تقدم قريباً.
(٣) تقدم قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>