إذا تقرر ذلك فلو باع جارية أو دابة بشرط أنها حامل، ففي صحة البيع قولان، ويقال: وجهان مبنيان على أن الحمل هل يعلم أم لا؟
فإن قلنا: لا، لم يصح شرطه.
وإن قلنا: نعم، صح، وهو الأصح، وخص بعضهم الخلاف بغير الآدَمِي، وقطع بالصِّحة في الجواري لأن الحمل في الجَواري عَيْب، فاشتراط الحمل إعلام بالعَيْب، فتصير كما لو باعها على أنها آبِقَة أو سَارِقة، ولو قال: بعتك هذه الدَّابة وحملها، ففي صحة العقد وجهان.
عن أبي زيد: أنه يصح؛ لأنه داخل في العقد عند الإطلاق، فلا يضر التَّنصيص عليه، كما لو قال: بعتك هذا الجِدَار وأَسَاسَه.
والأصح: وبه قال ابن الحَدَّاد والشيخ أبو علي: أنه لا يصح؛ لأنه جعل المَجْهول مبيعاً مع العلوم، وما لا يجوز بيعه وحده لا يجوز بيعه مقصوداً مع غيره بخلاف ما إذا باع بشرط أنها حامل، فإنه جعل الحَامِلية وصفاً تَابِعَاً، وهذا الخلاف يجري فيما إذا قال: بعتك هذه الشَّاة وما في ضرعها من اللبن.
وفي قوله: بعتك هذه الجُبَّة وحَشْوَهَا طريقان (١): منهم من طرد الخلاف، ومنهم من قطع بالجَوَاز؛ لأن الحَشْوَ داخل في الجُبَّةَ مسمى فذكره ذِكْرُ ما دخل في اللفظ، فلا يدل التنصيص عليه، والحمل غير داخل في مسمى الشاة فَذِكْرُه ذِكْرُ الشيء المجهول مع المعلوم.
وإذا قلنا بالبطلان في هذه الصورة، فقد قال الشيخ أبو علي في بيع الظّهَارة والبِطَانَة: في صورة الجُبَّةَ قَوْلاً تفريق الصَّفقة، وفي صورة الدابة يبطل البيع في الكُل.
والفرق أن الحشو يمكن معرفة قيمته عند العقد، والحمل واللبن لا يمكن معرفتهما حينئذ فيتعذر التوزيع.
قال الإمام: وهذا حسن؛ لكننا نُجْرِي قَوْلَي التَّفريق حيث يتعذَّر التوزيع، كما لو باع شاة وخنزيراً، أو باع حاملاً وشرط وضعها لرأس الشَّهر ونحوه لم يصح البَيْع قولاً واحداً، لأنه غير مقدور عليه قاله في "الشامل".
(١) قال في شرح المهذب: إذ قال بحشوها أو وحشوها فطريقان أصحهما الصحة قطعاً ثم ذكر التعليل المذكور في الروضة والذي استقر عليه رأي الشيخ تقي الدين السبكي الفرق بين الواو والباء، فإذا قال بعتكها أو حملها أو الجبة وحشوها أو الجدر وأساسه بطل. وإن قال بعتكها بحملها أو الجبة بحشوها أو الجدار بأساسه صح، واللغة تقتضيه وكلام الشافعي لا يخالفه.