ثمنه ضمن له النُّقْصان، فهذه الشَّرَائط وأشباهها فاسدة مفسدة للبيع، إلاَّ شرط العِتْق كما مر. وقوله في الكتاب: "وهذا استثنى بالقياس"، أراد به ما سبق أن المفهوم من نهيه عن بيع وشرط دفع محذور المُنَازعة الثائرة من الاشْتِراط والعلقة الباقية بينهما بسببه، وهذا المعنى مقصود في هذه الصورة.
وأما ما يوافق مقتضى العَقْد فهو ثابت، ذكر أو لم يذكر.
وأما ما لا يتعلق به غرض فلا يتنازعان في مثله غالباً.
وأما شرط الكتابة والخبر وسائر الأوصاف المقصودة، فإنها لا تتعلق بإنشاء أمر في المستقبل، بل هي أمور حاضرة ناجزة، والظاهر أن الشَّارط لا يلتزمها إلاَّ وهي حاصلة، فإذًا هذه الشرائط وإن كانت مستثناة عن صورة اللفظ لكنها منطبقة على المَعْنَى المفهوم منه.
قال الغزالي: فَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ حَامِلاً فَقَوْلاَنِ، وَلَوْ شَرَطَ أَنْ تَكُونَ لَبُوناً، فَالأَصَحُّ أَنَّهُ كَشَرْطِ الكِتَابَه.
قال الرافعي: إِحْدَى مَسْألتي الفصل: أن يبيع جارية أو دابة بشرط أن تكون حاملاً، وتقدم عليها أن بيع الحمل لا يجوز لا من مالك الأم ولا من غيره لما مر في النهي عن بيع المَلاَقِيح، فإنه غير معلوم ولا مَقْدور.
ولو باع حاملاً مطلقاً دخل الحمل (١) في البيع تبعاً، وهل يقابله قسط من الثمن؟ فيه خلاف نذكره في موضعه -إن شاء الله تعالى-.
ولو باع الحامل واستثنى حملها، ففي صحة البيع وجهان منقولان في "النهاية":
أحدهما: أنه يصح، كما لو باع الشَّجَرة، واستثنى الثَّمرة قبل بُدُوِّ الصَّلاحَ.
وأصحهما: وبه أجاب الجمهور: أنه لا يصح؛ لأن الحمل لا يجوز إفراده بالعقد، فلا يجوز استثناؤه كأعضاء الحيوان، ولو كانت الأم لواحد والحمل لآخر، فهل لمالك الأم بيعها من مالك الحمل أو غيره؟ فيه وجهان، وكذا لو باع جارية حاملاً بِحُرٍّ.
الذي ذكره المعظم: أنه لا يصح؛ لأن الحمل لا يدخل في البيع، فكأنه استثناه.
والثَّاني وهو اختيار الإمام وصاحب الكتاب: أنه يصح، ويكون الحمل مُسْتَثْنى شرعاً.
(١) محل دخول الحمل ما إذا كان الحمل للبائع، أما لو كان الحمل لغير مالك الأم بأن أوصى بالحمل لشخص وبالأُم لآخر وخرج ذلك من الثلث وقبلاً فباع مالك الأم وقلنا بصحة البيع على الوجه الضعيف لم يدخل الحمل.