للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدم ذكره، والأصحاب قد ضبطوا صحيح الشروط وفاسدها في تفسير هو كالترجمة، والتفاصيل مذكورة في مواضعها، قالوا: الشرط ينقسم إلى ما يقتضيه مطلق العقد، إلى ما لا يقتضيه، فالأول كالقبض وجواز الانتفاع والرد بالعيب ونحوها، فلا يضر التعرُّض لها ولا ينفع.

والثاني: ينقسم إلى ما يتعلّق بمصلحة العَقْد وإلى ما لا يَتَعَلَّق، فالأول قد يتعلق بالثمن كَشَرْط الرَّهْن والكفيل، وقد يتعلّق بالمثمن كشرط أن يكون العبد خَبَّازاً أو كاتباً، وقد يتعلّق بالطَّرفين كشرط الخَباز، فهذه الشُّروط لا تفسد العَقْد وتصح في نفسها.

والثاني: ينقسم إلى ما لا يتعلّق به غرض يورث تنافساً وتنازعاً، وإلى ما لا يتعلق، فالأول كشرط أن لا يأكل إلا الهَرِيسَة (١)، أَوْ لا يلبس إلا الخَزَّ وما أشبه ذلك، هذا لا يفسد العقد وَيَلْغُو في نفسه، هكذا قاله صاحب الكتاب وشيخه.

لكن في "التتمة": أنه لو شرط ما يقتضي إلزام ما ليس بلازم، كما لو باع بشرط أن يصلِّي النوافل، أو يصوم شهراً غير رمضان، أو يصلي الفرائض في أول أوقاتها يفسد العقد؛ لأنه أوجب ما ليس بواجب، وقضية هذا فساد العقد في مسألة الهَرِيسَة والخَزِّ أيضاً.

والثاني: كشرطه أن لا يقبض ما اشتراه، ولا يتصرف فيه بالبيع والوَطْءِ ونحوهما، وكشرط بيع آخر أو قرض وكشرطه أن لا خسارة عليه في ثمنه، يعني لو باعه وخسر في


(١) قال الشيخ جمال الدين الإسنوي: نص الشافعي في الأم على البطلان وساق النص ولفظه: فإذا باع الرجل العبد على أن لا يبيعه من فلان أو على أن يبيعه من فلان أو على أن لا يستخدمه أو على أن ينفق عليه كذا وكذا، أو على أن يخارجه، فالبيع كله فاسد إلى آخر ما ذكره ووافقه عليه بعض أصحابه وهذا النص ليس فيه تصريح بما قاله. قال في الخادم: وليس في هذا النص نقص لمسألتنا من وجهين:
أحدهما: أن قوله على أن ينفق عليه كذا وكذا فيه الإشارة إلى التقدير بتقدير معلوم، ونفقة الرقيق بالكفاية، فإذا شرط فيها قدراً معلوماً بطل لأنه قد يزيد على الكفاية فيتضرر السيد بخلاف صورة الهريسة فإنه إنما شرط عليه أن يؤدى الواجب من أحد الأنواع التي يتأدى الواجب ببعضها فصح ولم يلزمه الوفاء به لأن الواجب على السيد أحدها فأشبه خصال الكفارة لا يتعين أحدها بالتعين.
الثاني: إن في مسألة الهريسة شيئاً واحداً ومسألة الأم فيها ذكر شيئين. ومعناه أن يجمع له بين أدمين أو نوعين من الأطعمة وذلك مما لا يلزم السيد لأنه لا يلزمه أن ينفق على رقيقه أكثر من نوع واحد، فإذا شرط عليه الجمع بين نوعين فقد شرط عليه ترفيهه، فلم يصح كما لو باع بشرط أن يرفهه بترك الخدمة وحاصل الفرق أن في مسألة الهريسة شرط عليه الواجب وهو كفاية العبد وعينه في الهريسة. وأما مسألة الأم فشرط عليه ما لا يجب عليه أصلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>