للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى المشتري، ثم يشتريه قبل قبض الثمن بأقل من ذلك نقداً، وكذا يجوز أن يبيع بثمن نقداً ويشتري بأكثر منه إلى أجل، سواء قبض الثمن الأول أو لم يقبضه.

وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد -رضي الله عنهم-: لا يجوز أنْ يشتري بأقل من ذلك الثَّمن قبل قبضه، وجَوَّز أبو حنيفة أن يشتري بسلعة قيمتها أقل من قدر الثمن. لنا أنه ثمن يجوز بيع السلعة به من غير بائعها، فيجوز من بائعها كما لو اشتراه بسلعة أو بمثل ذلك الثمن أو أكثر، ولا فرق بين أن يصير بيع العِيْنَة عادة غالبة في البلد، أو لا يصير على المشهور. وأفتى الأستاذ أبو إسحاق والشيخ أبو محمد بأنه: إذا صار عادة صار البيع الثاني كالمشروط في الأول، فيبطلان جميعاً، ولهذا نظائر سنُذْكرها في مواضعها -إن شاء الله تعالى- وليس من المناهي بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّة حرسها الله تعالى بل هو جائز. وعن مالك وأبي حنيفة: أنه لا يجوز.

لنا اتفاق الصحابة فمن بعدهم -رضي الله عنهم- عليه، وليس من المَنَاهي أيضاً بيع المصحف وكتب الحديث. وعن الصَّيْمَرِي: أن بيع المُصْحَف مكروه قال: وقد قيل إن الثمن يتوجه إلى الدَّقَّتَيْن، لأن كلام الله عز وجل لا يباع، وقيل: إنه بدل من أُجْرَة النَّسْع (١).


= جرياً على العادة من غير تأمل فيه ولا اعتقاد. ولهذا قال بعض السلف: أضعف العلم الرؤية، يعني أن يقول: رأيت فلاناً يفعل كذا، ولعله قد فعله ساهياً، وقال إياس بن معاوية: لا تنظر إلى عمل الفقيه ولكن سله يصدقك، ولهذا لم يذكر عنه أنه أصر على ذلك بعد قول عائشة -رضي الله عنها-، وكثيراً ما يفعل الرجل النبيل الشيء مع ذهوله عما في ضمنه من مفسدة، فإذا نبه انتبه وإذا كان الفعل محتملاً لهذا ولما هو أكثر منه، لم يجز أن ينسب لأجله اعتقاد حل هذا إلى زيد -رضي الله عنه- لا سيما وأُم ولده إنما دخلت على عائشة -رضي الله عنها- مستغيثة وقد رجعت عن هذا العقد إلى رأس مالها فعلم أنهما لم يكونا على بصيرة منه وإن لم يتم العقد بينهما، وقول السائلة لعائشة -رضي الله عنها-: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ}. دليل يُبَيِّن أن التغليظ إنما كان لأجل أنه ربا لا لأجل جهالة الأجل، فإن هذه الآية إنما هي في حق الغائب من الربا.
(١) قال النووي: [ونص الشافعي -رضي الله عنه-، على كراهة بيع المصحف. وقال الروياني وغيره: لا يكره، وسائر الكب المشتملة على ما يباح الانتفاع به، يجوز بيعها بلا كراهة. ومن المناهي: البيع في وقت النداء يوم الجمعة، وسبق بيانه في بابها.
ومنها في الحديث: نهي عن بيع المضطر. قال الخطابي: فيه تأويلان:
أحدهما: المراد به: المكره، فلا يصح بيعه إن أُكره بغير حق، وإن كان بحق، صح.
والثاني: أن يكون عليه ديون مستغرقة، فتحتاج إلى بيع ما معه بالوكس، فيستحب أن لا يُبتَاع منه، بل يعان، إما بهبة، وإما بقرض. وإما باستمهال صاحب الدين. فإن اشترى منه، صح.
ومنها: النهي عن بيع المصرّاة، والنهي عن بيع ما فيه عيب، إلا أن يبيِّنه، وكلاهما حرام، إلا أنه ينعقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>