للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمس نسوة (١) وإن لم يكن كذلك، فإما أن يجمع بين شيئين كل واحد منهما قابل لما أورده عليه من العقد، وإما أن لا يكون كذلك، فَإِنْ كان الأول كما لو جمع بين عَيْنَيْن في البيع يصح العقد فيهما، ثم إنْ كان من جنسين كعبد وثوب، أو من جنس واحد، لكنهما مختلفا القيمة كَعَبْدَين وزِّع الثّمن عليهما باعتبار القيمة، وإن كانا مِنْ جنس واحد، وكانا مُتَّفقي القِيمة كَقَفِيزي حِنْطَة واحدة يوزع عليهما باعتبار الأجزاء، وإن كان الثاني: فإما أَنْ لا يكون واحد منهما قابلاً لذلك العقد، كما لو باع خمراً وميتة فلا يخفى حكمه. وإما أنْ يكون أحدهما قابلاً، فالذي هو غير قابل ضربان:

أحدهما: أن يكون متقوّماً، كما لو باع عبده وعبد غيره صفقة واحدة، ففي صحة البيع في عبده قولان:

أصحهما (٢): وهو اختيار المُزَنِيّ أنه يصح، لأنه باع شيئين مختلفي الحكم، فيأخذ كل واحد منهما حكم نفسه كما لو باع شِقْصاً مشفوعاً وثوباً؛ ثبتت الشّفْعة في الشّقْص دون الثوب، وأيضاً فإن الصَّفْقة إذا اشتملت على صحيح وفاسد، فالعقد صحيح في الصحيح، وقصر الفساد على الفاسد، ومثلوا ذلك بما إذا شهد عَدْل وفاسق، لا يقضي برد الشهادتين ولا بقبولهما، بل تلك مقبولة وهذه مردودة.

ولو قال قائل: قدم زيد وعمرو، وكان قدم زيد دون عمرو لا يقضي بالصدق


(١) قال الأذرعي: هذا يوهم أنه لو كان في الخمس أختان ونحوهما بطل في الجميع بلا خلاف وليس كذلك بل يبطل في الأختين وفي البواقي قولاً تفريق الصفقة كما صرحوا به هناك وكذا لو كان فيهن أمة وهو ممن يحل له نكاح الأُمة تبطل في الخمس وإن كان ممن لا يحل له نكاحها بطل فيها وسخ في الأربع على الأصح إلى آخر ما ذكره. ولا شك أن مراد الشيخ أنه إذا لم يكن في الخمس أختان وإنما أطلق ذلك لوضوحه وتقريره في بابه ولكن لا بأس بالتنبيه عليه. خ ك.

(٢) قال في المهمات: ترجيح الرافعي وغيره قول بالصحة ليس مذهب الشافعي -رضي الله عنه- فإنه إذا كان للمجتهد قولان وعلم المتأخر منهما كان الأول مرجوعاً عنه. والثاني هو مذهبه بلا نزاع والقول بالصحة قد رجع عنه واستقر مذهب على القول بالبطلان كذا ذكره الربيع في الأم قبيل كتاب اللقيط الصغير وعبر بقوله إن البطلان هو آخر قوليه وهذه دقيقة غفلوا عنها فينبغي التفطن لها لا سيما وهي جارية في أبواب كثيرة انتهى. ووافقه الأذرعي في التوسط والزركشي في الخادم وغيرهما من المتأخرين وإذا قلنا بالصحة على رأي الشيخين والعمل عليها فيستثنى مسائل:
منها: إذا أجر الراهن الحين المرهونة مدة تزيد على محل الدين فالصحيح بطلان الجميع كما ذكر الشيخ في باب الرهن خلافاً للمتولي. نعم فيه شيء سأذكره -إن شاء الله تعالى- في الرهن.
ومنها: إذا استعار شيئاً ليرهنه بدين فزاد عليه بطل في الكل على الصحيح.
ومنها: إذا فاضل في الربويات كما لو باع صاعاً بصاعين فإنه يبطل في الجميع.
ومنها: إذا زاد في العرايا على القدر الجائز وهو ما دون خمسة أوسق فإنه يبطل في الجميع.

<<  <  ج: ص:  >  >>