الأول: أن اللَّفْظَة واحدة فلا يتأتَّى تبعيضها، فإما أن يغلب حكم الحرام على الحلال أو بالعكس.
والأول أولى، لأن تصحيح العقد في الحرام يمتنع، وإبطاله في الحلال غير ممتنع.
والثاني: أنَّ الثَّمن المسمى يتوزَّع عليهما باعتبار القيمة، ولا يدرى حصة كل واحد منهما عند العقد، فيكون الثمن مجهولاً، وصار كما لو قال: بعتك عبدي هذا بما يقابله من الألف إذا وزع عليه، وعلى عبد فلان فإنه لا يصح، وهاتان العِلّتَان على ما حكاه أكثر النَّاقلين منسوبة إلى الأَصْحَاب، ولهم خلاف في أَنَّ العلة أيهما ورواهما القاضي ابن كَجّ عن الشَّافعي -رضي الله عنه-، وقال: له قولان في أن العِلَّة هذه أم هذه.
والضرب الثاني: أَلاَّ يكون متقوماً، وهو على نوعين:
أحدهما: أن يتأتى تقدير التَّقْويم فيه من غير فرض تغيير في الخِلْقة، كما لو باع حرّاً وعبداً، فإن الحر غير متقوم، لكن يمكن تقدير القيمة فيه من غير تغيير في الخِلقة، ففي صحة البيع في العبد طريقان:
أحدهما: القَطْعُ بالفساد؛ لأن المضموم إلى العَبْد ليس من جنس المَبِيْعَات، ولأنا سنذكر في التَّفريع الحاجة إلى التوزيع، والتوزيع هاهنا يحوج إلى تقدير شيء في الموزع عليه، وهو غير موجود فيه.
وأصحهما: طرد القولين.
قال الإمام: ولو قلنا: في صحة البيع قولان مرتبان على ما إذا باع عبداً مملوكاً والآخر مغصوباً لأفاد ما ذكرنا من نقل الطَّريقتين، وهكذا كل ترتيب، ونقل عن شيخه أن القولين على الطريقة الثانية فيما إذا كان المشتري جاهلاً بحقيقة الحال، فإن كان عالماً فالوجه القطع بالبطلان، كما لو قال: بعتك عبدي بما يخصُّه من الألف إذا وزع عليه وعلى عبد فلان، ولو باع عبده ومكاتبه أو أمته أو أم ولده فليس ذلك كما لو باع عبداً وحرّاً بل هو من صور الضَّرب الأول؛ لأن المُكَاتب وأم الولد مُتَقومان بالإتْلاف.
والنوع الثاني أن لا يتأتى تقدير التقويم فيه من غير فرض تغيير في الخِلْقة، كما لو باع خلاًّ وخمرة، أو مُذَكاَّة وميتة، أو شَاة وخِنْزِيراً، ففي صحة البيع في الخَلِّ والمذكاة والشاة خلاف مرتَّب على الخلاف في العَبْد والحر، والفساد هاهنا أولى لأن تقدير