للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمشهور: أنه على قولين وبنوهما على جواز تفريق الصَّفقة إن جوزنا تجويز الإفراد وإلا فلا، وقياس هذا البناء أن يكون قول التَّجويز أظهر، ولكن صرح كثير من الصَّائرين إلى جواز التفريق بأن منع الإقرار أصح، واحْتَجّوا له بأن الصَّفقة وقعت مجتمعة ولا ضرورة إلى تفريقها فلا تفرق، والقولان مفروضان في العبدين، وفي كل شيئين لا يتَّصل منفعة أحدهما بالآخر، فأما في زوجي الخُفِّ ومِصْرَاعَي الباب، فلا سبيل إلى إفراد المعيب بالرد بحال، وارتكب بعضهم طرد القولين فيه، ولا فرق على القولين (١) بين أن ينفق ذلك بعد القبض أو قبله.

وعن أبي حنيفة: أنه لا يجوز إفراد المَعِيب بالرَّد قبل القبض ويجوز بعده إِلاَّ أنْ تتصل منفعة أحدهما بالآخر، فإن لم نُجَوِّز الإفراد، فلو قال: رددت المعيب هل يكون هذا ردّاً لها؟ عن الشَّيخ أبي علي رواية وجهين فيه:

أصحهما: لا، بل هو لغو (٢)، ولو رضي البائع بإفراده جاز في أصح الوجهين وإن جَوَّزنا الإفراد، فإن ردَّه استرد قسطه من الثَّمن، ولا يسترد الجميع إذ لو صرنا إليه لأخلينا بعض المَبِيع عن المقابل، وعلى هذا القول لو أراد رد السّليم والمعيب معه فله ذلك أيضاً. وفيه وجه ضعيف، ولو وجد العيب بالعبدين معاد وأراد إفراد أحدهما بالرد جرى القولان.

ولو تلف أحد العبدين أو باعه ووجد في الباقي عيباً، ففي إفراده قولان مرتبان، وهذه الصورة أولى بالجَوَاز لتعذر رَدُّهما جميعاً (٣).

فإن قلنا: يجوز الإفراد رد الباقي واستردّ من الثمن حصّته، وسبيل التَّوْزيع تقدير


(١) قال الزركشي: مقتضى كلامهم أنه لا فرق بين أن تختلف قيمة العينين أو لا كالكُرين من الطعام لكن نص الشافعي في البويطي أنه لو اشترى مكيلاً أو موزوناً فوجد ببعضه عيباً فله إفراده بالرد لعدم الضرر وقال المتولي: إن جورنا في العبدين فهنا أولى وإلا فوجهان مأخذهما أن النظر إلى الضرر أو إلى منع التفريق شرعاً والأول أصح. خ ك.
(٢) قال في المهمات: قياس المذهب يكون ذلك مسقطاً لخياره فإنه إعراض واشتغال بما لا يفيد وتقصير، وحيئذ فلا يتمكن بعد ذلك من الفسخ على خلاف ما يوهمه كلامه. قال في التوسط: وهذا ظاهر في العالم بالحكم إن أريد الإلغاء مطلقاً مطلقاً، ولا أحسبه مراداً بل المراد أنه لا يترتب عليه رد المعيب بمفرده. وأما الجاهل فيعذر كما يعذر في كون الخيار على الفور أو أصل الخيار إلى آخر ما ذكره. خ ك.
(٣) قال الزركشي: قضية البناء أن يكون الأصح جواز الرد وكون ذلك غير المتبادر إلى الذهن. وقال الأذرعي: ومقتضى هذا البناء أن يكون قول الجواز هذا أظهر. ثم قال في آخر كلامه ما نصه ومما ذكرته من الترتيب يعرف أن الأظهر الجواز لكن النص الذي سنذكره عن البويطي والنص الذي سنذكره عن اختلاف العراقيين كلاهما يدل على خلافه وهو ما يقتضي كلام الماوردي أنه الأصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>