للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثُّلث ولم تجز الورثة ما زاد، كما لو باع عبداً يساوي ثلاثين بعشرة، ولا مال له غيره يرتدُّ البيع في بعض المَبِيع، وما الحُكْم في الباقي؟ فيه طريقان:

أحدهما: القطع بصحَّة البيع فيه؛ لأنه نفذ في الكل ظاهر، والرد في البعض تَدَارُكٌ حادث، وهذا أصح عند صاحب "التهذيب"، ووجهه بأن المُحَابَاة في المَرَض وصية، والوصية تقبل من الغَرَر ما لا يقبله غيرها.

وأظهرهما عند أكثرهم: أنه على قولي تفريق الصَّفْقة.

وإذ قلنا بصحة البيع في الباقي، ففي كيفيتها قولان: ويقال وجهان:

أحدهما: أن البيع يصحُّ في القدر الذي يحتمله الثُّلث، والقدر الذي يوازي الثَّمن بجميع الثَّمن ويبطل في الباقي؛ لأنه اجتمع للمشتري معاوضة ومحاباة فوجب أن يجمع بينهما، فعلى هذا يصح العقد في ثلثي العبد بالعشرة، ويبقى مع الورثة ثلث العبد وقيمته والثمن وهو عشرة، وذلك مثل المُحَاباة وهي عشرة، ولا تدور المسألة على هذا القول.

والثَّاني: أنه إذا ارتدَّ البيع في بعض المَبِيع، وجب أن يرتد إلى المُشْتري ما يقابله من الثمن. فعلى هذا تدور المَسْألة؛ لأن ما ينفذ فيه البَيْع يخرج من التَّركة، وما يقابله من الثمن يدخل فيها، ومعلوم أنَّ ما ينفذ فيه البيع يزيد بزيادة التَّركة وينقص بنقصانها، فيزيد المبيع بحسب زيادة التركة، وتزيد التركة بحسب زيادة المقابل الداخل، ويزيد المقابل الداخل بحسب زيادة المبيع وهذا دور، ويتوصل إلى معرفة المقصود بطرق:

منها: أن ينظر إلى ثلث المال وينسبه إلى قدر المُحَابَاة، ويجيز البيع في المبيع بمثل نسبة الثلث من المحاباة فنقول في هذه الصور:

ثلث المال عشرة، والمحاباة عشرون، والعشرة نصف العشرين، فيصح البيع في نصف العبد، وقيمته خمسة عشر بنصف الثمن وهو خمسة، كأنه اشْتَرى سدسه بخمسة، وثلثه وصية له تبقى مع الورثة نصف العبد وهو خمسة عشر، والثَّمنُ خمسة فالمبلغ عشرون، وذلك مثل المحاباة، وتحكى هذه الطريقة عن محمد بن الحسن.

ومنها: طريقة الجبر يقول: صح البيع في شَيْءٍ من العبد، وقابله من الثمن مثل ثلث ذلك الشيء، لأن الثّمن مثل ثلث العبد، وبقي في يد الورثة عبد إلا شيء، لكن بعض النقصان انجبر بثلث الشيء العائد، فالباقي عندهم عبد إلا ثلثي شيء، وثلثا شيء قدر المحاباة، وعبد إلاَّ ثلثي شيء، مثل وإذا كان عبد إلاَّ ثلثي شيء مثلي ثلثي شيء، وكان عديلاً لشيء وثلث شيء، فإذا أجبرنا العبد بثلثي شيء، وزدنا علي عديله مثل ذلك كان العبد عديلاً لِلشَّيئين، فعرفنا أن الشيء الَّذِي نفذ فيه البيع نصف العبد، ولا أطنب لإيراد سائر الطرق كطريقة الخطأ بين الدينار والدرهم وغيرهما في هذا الموضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>