المريض باتفاق الأصحاب؛ لأنا لو أثبتنا لهم الخِيَار لأبطلوا المُحَاباة أصلاً ورأساً بفسخ البيع، ولا سبيل إليه لتسليط الشَّرْع إياه على ثلث ماله، وكذا خطاه في قوله:"وفيه قول آخر: أنه لا خيار لهما في جانب المشتري"، لأن تبعيض الصَّفقة على المشتري من موجبات الخيار بكل حال، ولو كانت المسألة بحالها لكن قَفِيز المريض يساوي ثلاثين، وقلنا: بتقسيط الثَّمن صحَّ البَيْع في نصف قَفِيز بنِصف القفيز، ولو كانت بحالها لكن قفيز المريض يساوي أربعين صحَّ البيع في أَرْبَعة أَتْسَاع القفيز، وعليك تخريج الفتوى على الطريقتين، ثم قال صاحب "التلخيص": ولو كان المريض قد أكل القَفِيز الذي أخذ استوت المسائل كلها، فيجوز بيع ثلث قَفِيز بثلث قفيز.
قال الشارحون لكتابه: إذا أَتْلَفَ المريض المحابي القفيز الذي أخذه ثم مات، وفَرَّعنا على القول الذي يجيء عليه الدّور صح البيع في ثلثه بثلث قفيز صاحبه، سواء كانت قيمة قفيز المريض عشرين أو ثلاثين أو أكثر؛ لأن ما أتلفه قد نقص من ماله.
أما ما صَحَّ فيه البَيْع فهو ملكه وقد أتلفه، وأما ما بطل فيه البيع فعليه ضمانه، فينتقص قدر الغُرْم من ماله، ومتى كثرت القيمة كان المصروف إلى الغرم أقل والمحاباة أكثر، ومتى قلت كان المصروف إلى الغرم أكثر والمحاباة أقل، ولنوضح ذلك في صورتين:
إحداهما: إذا كانت قيمة قَفِيز المَرِيض عشرين، وقيمة قفيز الصحيح عشرة، وقد أتلفه المريض فنقول على طريقة النِّسْبة مال المريض عشرون، وقد أتلف عشرة يحطُّها من ماله، فبقي عشرة كأنها كل ماله والمحاباة عشرة، فثلث ماله هو ثلث المحاباة، فيصح البيع في ثلث القَفِيز على القياس الذي مر، وعلى طريقة الجَبْر صح البيع في شيء من قفيز المريض، ورجع إليه مثل نصفه فعند ورثته عشرون إلا نصف شيء، لكنه قد أتلف عشرة فالباقي في أيديهم عشرة إِلاَّ نصف شيء، وذلك مثل نصف شيء فيكون مثل شيء، فإذا جبرنا وقابلنا كانت عشرة مثل شيء ونصف شيء، فالعشرة نصف القفيز فيكون القفيز الكامل مثل ثلاثة أشياء، فالشَّيء ثلث القفيز وامتحانه أَنَّ ثلث قَفِيز المريض ستة وثلثان، وثلث قفيز الصحيح في مقابلته ثلاثة وثلث، فتكون المحاباة بثلاثة وثلث، وقد بقي في يَدِ الوَرَثَةِ ثلثا قفيز، وهو ثلاثة عشر وثلث يؤدِّي منه قيمة ثلثي قفيز الصحيح، وهو ستة وثلثان يبقى في أيديهم ستة وثلثان وهي مثل المُحَاباة.
الثانية: قَفِيز المريض يساوي ثلاثين وباقي المسألة بحالها، فعلى طريقة النسبة نقول: مال المريض ثلاثون وقد أتلف عشرة بحطها من ماله يبقى عشرون كأن كل ماله والمُحَاباة عشرون؛ وثلث ماله هو ثلث المحاباة فيصح البيع في ثلث القَفِيز.
وعلى طريقة الجَبْر نقول: صح البيع في شيء من قفيز المريض، ورجع إليه مثل