للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: زوال العقل بالجنون والإغماء حكى بعضهم عن أبي هريرة أن زواله بالجنون يوجب الغسل، وروى آخرون وجهين: في الجنون والإغماء جميعاً: ووجه وجوبه أن زوال العقل يفضي إلى الإنزال غالباً، فأقيم مقامه كالنوم أقيم مقام خروج الخارج، والمذهب المشهور أنه لا يجب به الغسل ويستصحب يقين الطهارة إلى أن يستيقن الإنزال، والقول بأن الغالب منه الإنزال ممنوع (١).

قال الغزالي: ثُمَّ حُكْمُ الجَنَابَةِ حُكْمُ الحَدَثِ مَعَ زَيادَةِ تَحْرِيم قِرَاءَةِ القُرْآنِ والمُكْثِ فِي المَسْجِدِ (ز)، أَمَّا العُبُورُ فَلاَ (م ح) ثُمَّ لاَ فَرْقَ فِي القِرَاءَةِ بَيْنَ آيَةٍ (م) أَوْ بَعْضِهَا (ح) إلاَّ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ الله عَلَى قَصْدِ الذّكْرِ، وَلاَ يَحِلُّ لِلْحَائِضِ قِرَاءَةٌ لِحَاجَةِ التَّعْلِيمِ (م) وَخَوْفِ النِّسْيَانِ عَلَى الأَصَحِّ.

قال الرافعي: لما فرغ من بيان موجب الجنابة ذكر حكمها، وأما حكم الحيض والتفاس فيأتي في بابهما ولا يفرض في الموت مثل هذه الأحكام فيقول: كل ما يحرم بالحدث الأصغر يحرم بالجنابة بطريق الأولى لأنها أغلظ ويزداد تحريم شيئين:

أحدهما: قراءة القرآن فيحرم على الجنب أن يقرأ شيئاً من القرآن قاصداً به القرآن سواء كان آية، أو بعض آية خلافاً لمالك حيث جوّز قراءة الآيات اليسيرة للجنب، ولأبي حنيفة حيث جوّز له قراءة بعض الآية وبه قال أحمد في أصح الروايتين: لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَقْرَأ الْجُنُبُ وَلاَ الْحَائِضُ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ" (٢) وعن علي -رضي الله


= وعشرين طريقاً، وقال علي بن المديني وأحمد ومحمد بن يحيى الذهلي: لا يصح في الباب شيء وقال البخاري: الأشبه وقفه على أبي هريرة، وقال البيهقي: إنه الصحيح، وقال الرافعي في شرح المسند: إنه الذي صححه الأئمة. انظر الخلاصة (١/ ٦٠).
(١) قال النووي: لو رأى المني في ثوبه أو فراش لا ينام فيه غيره، ولم يذكر احتلاماً، لزمه الغسل على الصحيح المنصوص، وبه قطع الجمهور، قال أصحابنا: ويجب إعادة كل صلاة لا يحتمل حدوث المني بعدها، ويستحب إعادة كل صلاة يحتمل كونه فيها، ثم إن الشافعي والأصحاب أطلقوا المسألة، وقال الماوردي: هذا إذا رأى المني في باطن الثوب، فإن رأه في ظاهره فلا غسل؛ لاحتمال إصابته من غيره، وإن كان ينام معه في الفراش من يجوز كون المني منه، لم يلزمه الغسل، ويستحب أن يغتسلا، ولو أحس بانتقال المني ونزوله فأمسك ذكره، فلم يخرج منه شيء في الحال ولا علم خروجه بعده، فلا غسل عندنا -والله أعلم- الروضة (١/ ١٩٧).
(٢) أخرجه ابن ماجة (٥٩٥) والترمذي (١٣١) والبيهقي (١/ ٣٠٩) والدارقطني (١/ ١١٧) من رواية ابن عمر بإسناد فيه لين، قال الضياء المقدسي: في إسناده إسماعيل بن عياش تكلم فيه غير واحد غير أن بعض الحفاظ قال: قد روي من غير طريقه بإسناد لا بأس به. انظر الخلاصة (١/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>