للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صرح به في الوسيط فقال: ولا يعرف في حقها إلا من الشهوة وكذلك ذكره إمام الحرمين لكن ما ذكره الأكثرون تصريحاً وتعريضاً التسوية بين مني الرجل والمرأة في طرد الخواص الثلاث.

وقد قال في التهذيب: أن مني المرأة إذا خرج بشهوة أو بغير شهوة وجب الغسل كمني الرجل، فإذا وجب الغسل مع انتفاء الشهوة كان الاعتماد على سائر الخواص ولو اغتسلت المرأة من الجماع، ثم خرج منها المني لزمها الغسل بشرطين:

أحدهما: أن تكون ذات شهوة دون الصغيرة التي لا شهوة لها.

والثاني: أن تقضي شهوتها بذلك الجماع لا كالنائمة والمكرهة.

وإنما وجب الغسل عند اجتماع هذين الشرطين، لأنه حينئذ يغلب على الظن اختلاط منيها بمنيه، وإذا خرج منها ذلك المختلط فقد خرج منها منيها.

أما في الصغيرة والمكرهة والنائمة إذا خرج المني بعد الغسل لم يلزم إعادة الغسل لأن الخارج مني الرجل، وخروج مني الغير من الإنسان لا يقتضي جنابته.

وصورة المسألة في الكتاب، وإن كانت مطلقة لكن في قوله: "فإنه لا ينفك عن مائها" ما يبين اشتراط ما ذكرنا: وحكى وجه آخر أنه لا يشترط إعادة الغسل بحال لأنه لا يتيقن خروج منيها، نعم الاحتياط الإعادة هذا تمام الكلام في طريقي الجنابة ولفظ الكتاب ظاهر في الحصر فيهما، وهو الصحيح وزاد بعض الأصحاب طريقاً آخر للجنابة، وهو استدخال المني قالوا: إذا استدخلت المرأة منيّاً لزمها الغسل كما يجب به العدة إذا كان الماء محترماً: وينسب هذا إلى أبي زيد المروزي وعلى هذا لا يفترق الحال بين القبل والدبر، والمذهب الأول لأن الاستدخال غير متناول بالنصوص الواردة في الباب، ولا هو في معنى المنصوص عليه.

خاتمة قوله في أول الباب "وموجبه الحيض والنفاس" إلى آخره يقتضي حصر موجبات الغسل في الأربعة الذكورة لكن إلقاء المضغة، والعلقة موجب على الصحيح كما سبق، وهو لا يدخل في لفظ الولادة، فيكون خارجاً عما ذكره واختلفوا في شيئين آخرين:

أحدهما: غسل الميت [فإن منهم] من قال: في القديم يجب به الغسل على الغاسل وإليه ذهب أحمد لما روي: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَن مَسَّهُ فَلْيَتَوَضَّأُ" (١)، والجديد أنه ليس من موجبات الغسل، والحديث إن ثبت محمول على الاستحباب.


(١) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٢٧٢) وأبو داود (٣١٦١ - ٣١٦٢) والترمذي (٩٩٣) وقال: حديث حسن، وابن ماجة، (١٤٦٣) وقال ابن الملقن: اختلف في تصحيحه، فحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، ومال إلى ذلك ابن حزم وصاحب الإمام، وقال الماوردي خرج بعضهم لصحته مئة =

<<  <  ج: ص:  >  >>